مع أن صخب الحراك الخارجي تجاه لبنان لا يزال يطغى على الأجواء السياسية، فإن الأزمة الحكومية، وحتى السياسية، تبدو مرشحّة للاستمرار فترة طويلة، بعدَ فشل الخارج في فكّ كل العقد الداخلية بفعل تمسّك المعنيين بسقوف مطالبهم، وإفشال كل محاولة لإحداث ثغرة فيها. ذلِك أن كل المساعي والمشاورات التي تمّت على خطوط مختلفة في الأسابيع الأخيرة، للوصول الى حدّ أدنى من التوافق بينَ طرفيْ الصراع، ماتت في مهدها. آخر تلك المساعي، بحسب ما كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار»، مجهود قامَ به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على طريق بعبدا - وادي أبو جميل، حملَ اقتراحاً بمقايضة وزارة الداخلية بالحصة التي يُطالب بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أي أن تكون وزارة الداخلية من ضمن الحقائب التي يحصل عليها عون، وهو من يُسمّي وزيرها، على أن يكتفي بـ5 وزراء، إضافة إلى وزير لحزب الطاشناق. لكنه اقتراح لم يجِد حتى استعداداً لدى أيّ من الطرفين للنقاش، فسقط من البداية، وهو ما أبلغه إبراهيم لرئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء أخير جرى بينهما، بحسب المعلومات.وهذه الوساطات يوازيها الحراك الخارجي الذي استأنفه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إذ غادَر بيروت أمس الى الدوحة حيث التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، وأجرى معه مباحثات، في مأدبة عشاء أقامها على شرفه، تناولت مجمل الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وفيما يحاول البعض تصوير الزيارة بأنها ذات دلالة سياسية بارزة لكونها تزامنت مع عودة نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني من طهران بعد لقائه نظيره الايراني محمد جواد ظريف، حيث ناقشا معاً العلاقات المشتركة ونتائج قمة «العلا» الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي، غير أن الحقيقة التي باتَ يعرفها الجميع هي أن «الجولات التي يقوم بها الحريري لا انعكاس جدّياً لها على الساحة الداخلية». فالحريري الذي تقول المعلومات إنه «ربما يزور دولاً عربية أخرى من بينها الكويت، يحاول ترميم علاقاته العربية، والتسلح بهذه الورقة في معركته ضد عون والوزير جبران باسيل. لكن كل هذه الجولات لن تقدّم ولن تؤخر، بينما لا تزال الأبواب السعودية موصدة في وجهه».
وفي سياق آخر، أكدت المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفيث، أن بلادها لن تغيّر في سياساتها تجاه حزب الله، واصفة الحزب بالمنظمة الإرهابية. ولفتت غريفيث، في حديث تلفزيوني، إلى أن «ما يهمنا هو أن تكون أي حكومة جديدة قوية وقادرة على تلبية احتياجات الشعب اللبناني، ومستعدة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة». وشددت على أن «قرار مشاركة حزب الله في الحكومة يعود للشعب، ونحن كنا رأينا في العام 2019 احتجاجاً من الشعب ضد الفساد». كما أفادت بأن «أميركا تتشارك مع فرنسا في هدف تقوية لبنان ومساعدته في مواجهة التحديات الاقتصادية أو تلك المرتبطة بكورونا، رغم أننا نختلف مع فرنسا في وجهات النظر أحياناً، إلا أننا نتشارك الهدف نفسه ونواصل تشاركاتنا القائمة في أوروبا لمساعدة لبنان».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا