وسط أجواء «احتفائية»، وصلت الدفعة الأولى من لَقاح فايزر المؤلّفة من نحو 28 ألفاً و500 جرعة، أول من أمس، وحظيت بـ«استقبال رسمي» في المطار. صباح أمس، انطلقت عملية التلقيح من مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، وافتتحها رئيس قسم العناية الفائقة في المستشفى الدكتور محمود حسون، الذي تلقّى أول جرعات اللقاح، وتلاه الفنان صلاح تيزاني عن فئة المعمّرين. بالتزامن، وصل إجمالي الوفيات الى 3993 حالة مع إعلان وزارة الصحة تسجيل 32 وفاة، فيما سُجّلت 2130 إصابة من أصل 11 ألفاً و693 فحصاً مخبرياً (أي أن نسبة إيجابية الفحوصات بلغت 20%). وعليه لا تزال الأرقام، وإن سجلت انخفاضاً مقارنة مع الأسابيع الماضية، تُنذر بواقع حساس يستوجب الاستمرار في حالة التأهب، وهو ما يبدو مُستبعداً في ظلّ «تمرّد» شبه عام واستئناف الحياة الطبيعية وعدم انتظار انتهاء مراحل إعادة الفتح التدريجي.
أمام هذه الوقائع، يأتي الرهان على اللقاح بوصفه بصيص الأمل «الذي يبقى أقل خطورة من الإصابة» على ما قالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، فيما شدّد نقيب الأطباء شرف أبو شرف على أن اللقاح «فعّال وآمن، وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية والأبحاث، ناهيك عن 300 مليون إنسان حصلوا على اللقاح حتى الآن».
المطلوب تلقّي نحو 80% من المُقيمين للَّقاح كي تتحقّق المناعة المنشودة


جهود الحث على أخذ اللقاح تأتي بسبب حالة التوجّس التي يبديها كثيرون، فيما المطلوب وفق المعنيين في القطاع الصحي تلقّي نحو 80% من المُقيمين للَّقاح كي تتحقّق المناعة المُجتمعية المنشودة.
وفيما وعد وزير الصحة حمد حسن، أمس، بأنّ اللقاح «سيصل إلى كلّ مواطن لبناني من دون اعتبارات سياسية أو طائفية وإلى كل مقيم على الأرض اللبنانية»، في ردّ على مخاوف تسييس توزيع اللقاحات، تبرز معضلات تطرح تساؤلات جمة. أولها تلك المتعلقة بالرقابة التي يجب أن تُفرض على المراكز الخمسين المعتمدة للتلقيح، فضلاً عن متابعة مصير بقية اللقاحات الممكن استيرادها لتسريع عملية اكتساب المناعة المُجتمعية.
وإذا ما كان التمسك بالإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية فرضاً يرافق عملية التلقيح، تطرح تساؤلات بشأن خطة الرقابة المفروضة في هذه الفترة والفترة المُقبلة. كذلك، ماذا عن سياسة المُضيّ برفع تجهيزات المُستشفيات ودعم أقسام كورونا؟ والأهم، هل سيتم «تطنيش» سلوك المُستشفيات الخاصة التي لا تزال تمتهن الابتزاز الذي وصل إلى حد اشتراط دفع المريض مبلغاً مُسبقاً كـ«وديعة» قبل إسعافه؟
حتى أمس، بقي رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون «يزجّ» مسألة رفع الدعم عن المُستلزمات الطبية في النقاشات التي تستوجب منه تفسيراً لسلوك بعض المُستشفيات المتخاذلة في أكبر أزمة صحية واقتصادية تمرّ بها البلاد، فيما اكتفى بتصريح لقناة «الجديد» بإدانة طلب أحد المُستشفيات مبلغ 30 مليون ليرة كشرط لدخول مريض كورونا إلى المُستشفى، قائلاً إنه سيدعو النيابة العامة إلى التحرك ضد أي مستشفى يقدم على هذه الخطوة. وهو تصرّف يجب أن تتخذه وزارة الصحة التي تملك صلاحيات أوسع في هذا المجال، والتي يفترض أن تفرض هيبتها أكثر للخروج من المأزق الراهن.