بين التفتيش التربوي ووزارة التربية مراسلات مجمّدة حول مخالفات ارتكبها مديرو مدارس وثانويات رسمية وتوصيات باتّخاذ عقوبات بحقهم، ولم يتبقَّ سوى صدور قرار عن هيئة التفتيش المركزي، المعطّلة منذ شباط 2019، نتيجة خلافات سياسية.صحيح أن التوصيات ليست ملزمة للوزير قانوناً. إلّا أنه درجت العادة أن تأخذ الوزارة بما يوصي به التفتيش باعتبار أن الهدف من المراسلات هو الحفاظ على المؤسسات التعليمية والإسراع في تخفيف الضرر ووقف الهدر في المال العام.
ورغم أن المراسلات موجودة على طاولة الوزير طارق المجذوب منذ أيلول الماضي، ليس مفهوماً لماذا لم يُصدر أيّ قرار بشأنها حتى الآن، بناء على طلب التفتيش التربوي، ومن يمنع مكافحة الفساد في الوزارة؟
في 12 تشرين الأول 2019، أمضى التفتيش التربوي نهاراً كاملاً في ثانوية بريتال الرسمية واستمع إلى عشرات الإفادات لأساتذة وإداريين وطلاب وحجّاب، ووضع اليد على مخالفات إدارية ومالية، أقلّها تلاعب وتزوير بنتائج الطلاب، وضبط مخالفات للأنظمة والقوانين لا سيما عدم تلزيم الحانوت المدرسي وفق الأصول وإعطاؤه رشوة للحاجب، وهذا مخالف للقانون.
بعد شهر من التحقيقات، في 12 كانون الأول، أوصى التفتيش بإقالة المدير الحالي بالتكليف، وإنصاف أستاذين نُقلا تعسفياً إلى ثانوية أخرى، قبل أن يتبيّن أنهما تعرّضا، بحسب تحقيقات التفتيش، لمكائد بالتواطؤ بين مفتش تربوي والمديرة السابقة والمدير الحالي. كذلك طلب التفتيش تعيين مدير أصيل للثانوية، بتطبيق معيار الكفاءة من الأشخاص الذين خضعوا لمقابلات رسمية وفق الأصول وجرى تجميد إصدار النتائج. علماً أن المجذوب أعلن شغور الإدارة في ثانوية بريتال وفتح مجالاً للتقدم بطلبات للمقابلة، متجاهلاً -عن قصد أو عدم دراية - المقابلة التي أُجريت سابقاً ولم تصدر نتائجها، وهذا مخالف للقانون والأصول والعرف.
وثمة ملف ثانٍ لا يقلّ خطورة يتعلّق بمدير ثانوية رياق الرسمية. إذ أظهرت تحقيقات التفتيش عمليات اختلاس لأموال مجلس الأهل في الثانوية وتزوير علامات بعض الطلاب بغية تنجيحهم مقابل أموال وخدمات، واختلاس أموال من الأهل تحت مسميات مختلفة و عدم انضباط وظيفي لجهة التغيّب وسوء الإدارة والأسلوب الاستعلائي وما إلى ذلك من مشاكل مع الهيئتين التدريسية والإدارية والمحيط السكاني للثانوية، إضافة إلى إعطائه زوجته ٤ ساعات تدريس من أصل النصاب القانوني الذي يشمل ٢٠ ساعة. وقد قرر التفتيش إعفاءه من الإدارة لحين انتهاء التحقيقات. وبحسب المعلومات فإن هذا الواقع انعكس تراجعاً في الإقبال على الثانوية وانخفاض عدد المسجلين فيها.
ملفات فساد عدة على طاولة الوزير في انتظار قراره


وهناك ملف ثالث لمدرسة العين في البقاع الشمالي ومديرتها المتهمة بسرقة أموال المدرسة من خلال فواتير وهمية وتقاضي أموال من المتعاقدين في مدارس النازحين السوريين بعد الظهر.
وفي حوزة الوزير ملف رابع لمدرسة تقع ضمن محافظة جبل لبنان استدانت مديرتها من معظم الأساتذة ولم تُعِد إليهم الأموال، ثم قامت بتهديدهم وابتزازهم.
الكرة بشأن هذه الملفات هي في ملعب المجذوب، فهل يُصدر قرارات بحق المرتكبين أم أن الوزارة قررت أن تكون خارج سلطة الجهاز الرقابي واستبدلته بجهاز آخر هو مديرية الإرشاد والتوجيه التي استنزفت التعليم الثانوي وتقوم حالياً بعمل التفتيش؟

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا