جرّاح الدماغ والأعصاب الذي غادر باكراً إلى الولايات المتحدة وعاد قبل أربع سنوات، يحتاج إلى بعض الوقت ليندمج في مسقط رأس أجداده، قبل أن يختار جدّه التاجر بين الجنوب وفلسطين الاستقرار في الزرارية (قضاء صيدا).إبراهيم عميص، رئيس مجلس إدارة مستشفى غسان حمود الجامعي ومديره العام، يُراد باكراً إدخاله في زواريب الألاعيب اللبنانية الضيّقة. لم تمض أيام على الإعلان عن شرائه مع أشقائه المستشفى، حتى أُسقطت فوقه لغة مستجدّة في عاصمة الجنوب.
مرحّبون ومستنكرون بنقل ملكية أعرق مركز طبي عرفته صيدا خلال العقود الأربعة الماضية. صحيح أن عدم انتماء آل عميس إلى صيدا، بالمعنى التقليدي، يسمح لهم بالتفلّت من ضغوط النافذين. لكنّ هذه العائلة تعرف المدينة والمدينة تعرفها. وعندما قرّر الأبناء السير في صفقة شراء المستشفى لم يتجاهلوا الحسابات كافة. جالوا على الفعّاليات ليؤكدوا على دورهم المهني في إدارة المرفق، وعميس نفسه يعرف التعقيدات المحلية. لكنه يحدد مهمته بوضوح: «سنتعاون مع الجميع، وسنقوم بواجبنا المهني والإنساني، لكننا لن نتورّط في ألاعيب تجعلنا نخسر العائدات الضرورية للحفاظ على المركز. نحن لا نريد مراكمة الديون وستساعدني عائلتي على مواجهة متطلّبات التحدي».
يجزم عميس لـ«الأخبار» بأن الصفقة «تجارية مئة في المئة وليس لها أي بعد سياسي أو حزبي. أصحاب المركز عرضوه للبيع، واتصل وسطاء بأفراد من عائلتي لشراء المستشفى في أيلول الماضي». سريعاً، قبلت العائلة العرض، بخاصة أنها تضم، إلى إبراهيم، خمسة أطباء وصيادلة درسوا في أميركا وراكموا ثرواتهم هناك ومن العمل في أفريقيا. تلقّف آل عميس العرض بعد رفض متموّلين صيداويين كثر شراءه. «كما جميع الأطباء، لدينا طموح بتملّك مستشفى خاص بنا نجمع فيه أطباء العائلة ونضخّ فيه خبراتنا». يدرك عميس الذي عمل في السنوات الأخيرة في مستشفى الجامعة الأميركية، بأن وضع «مركز حمود» استثنائي. لذلك، «استعنّا بشركتين استشاريتين قدّرتا قيمة الديون والمستحقات وكلفة الترميم والتطوير، وتبين لنا أننا نستطيع تغطية العجز والبدء من جديد».
720 موظفاً وعدد كبير من الأطباء المتفرغين والمتعاقدين دخلوا ضمن «حلم آل عميص». يؤكد عميس «بقدر الاهتمام بالشق التجاري، نسعى أيضاً إلى المحافظة على الإرث الصيداوي والجنوبي الذي لن نتخلى عنه احتراماً لتاريخ الدكتور غسان حمّود، بدءاً من المحافظة على اسم المستشفى كما هو». الورشة المنتظرة كبيرة. إذ «سنعيد هيكلة الإدارة وتنظيمها وسنوسّع قسم الكورونا ليستوعب أسرّة أكثر، كما سنعيد ترتيب غرف العمليات وفصل بعض الأقسام عن بعضها، واستقطاب أطباء بارزين والتعاون مع جامعات».


من الجنوب إلى أميركا إلى... الجنوب!
إبراهيم عميص، مواليد 1972، من بلدة الزرارية قضاء صيدا. سافر أواخر ثمانينيات القرن الماضي إلى الولايات المتحدة لدراسة الطب وحاز على درجة دكتوراه من جامعة فرمونت. تخصّص في جراحة الأعصاب (الدماغ و العَمود الفقري) من كلية نيويورك الطبية (NYMC)، ودرس تخصّص جراحة العَمود الفقري المعقّدة وأورام العَمود الفقري في جامعة جونز هوبكينز، ثم انتقل إلى جامعة بيلور الطبية (BCM) في هيوستن - تكساس حيث التحق بهيئة التدريس في قسم جراحة الأعصاب، وتولّى رئاسة قسم جراحة العَمود الفقري، وعُيّن عضواً في مجلس الشيوخ في الجامعة حتى عودته إلى لبنان أواخر 2016.
شغل منصب عضو هيئة التدريس في الجمعية الأميركية لجراحة الأعصاب (FAANS). له دراسات عديدة نُشرت في مجلات ودوريات علمية، وحاز على منح مالية عدة للأبحاث في الولايات المتحدة وفي لبنان. بعد عودته إلى لبنان، أواخر 2016، درّس جراحة الأعصاب في الجامعة الأميركية في بيروت، وتسلّم رئاسة قسم التعليم لمتخصّصي جراحة الأعصاب في الجامعة. ويتابع حالياً دراسة الماجستير في الإدارة التنفيذية في الجامعة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا