في عطلة الأعياد، تبدّل مزاج بعض الأهل الذين تحمّسوا في أوقات سابقة للتعليم المدمج وإرسال أبنائهم إلى القاعات الدراسية تجنباً لتحديات التعلم عن بعد. فرملت الأعداد غير المسبوقة للمصابين بفيروس كورونا في الأسبوع الأخير رغبة هؤلاء في التعليم الحضوري، أي منذ ما قبل إعلان وزير التربية طارق المجذوب العودة من العطلة إلى التعليم أونلاين حصراً، على أن لا تستثنى المدارس من قرار الإقفال العام الذي ينتظر أن يستغرق ثلاثة أسابيع. في استفتاء أجرته إحدى المدارس الكبيرة في صيدا، وافق 50 في المئة من الأهالي على الحضور الى الصفوف، ثم أعاد 15 في المئة النظر في قرار الموافقة نتيجة الواقع المستجد.اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة عاد إلى إرساء معادلة «صحة أولادنا قبل تعليمهم»، وهو سيرفض، بحسب ما قالت رئيسته لمى زين الطويل، العودة مجدداً إلى الصفوف في انتظار نتائج الإقفال والاطمئنان إلى انخفاض الأعداد، وشغور أسرّة المستشفيات لاستقبال المرضى، وقد يكون تأجيل العام الدراسي أحد الخيارات المطروحة.
لا مفر من الإقفال الجدي من دون استثناءات واتخاذ إجراءات حازمة ومسؤولة، كما قال لـ«الأخبار» رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي. «فالأعداد في الأسبوعين المقبلين مرجحة للارتفاع بصورة كبيرة، والمدارس ليست بمنأى عن الجائحة، إذ تبيّن أن السلالة الجديدة سريعة الانتشار وتصيب الأطفال كما الكبار». ولفت إلى أنه «في الفترة السابقة لم تكن هناك شفافية في التبليغ عن أعداد الإصابات الحقيقية في المدارس، سواء من جانب الإدارات أو من جهة الأهل، علماً بأن وزارة التربية أطلقت لوحة البيانات التفاعلية الـ dashboard التي تبيّن عدد الإصابات بفيروس كورونا داخل المؤسسات التعليمية وتظهر توزيعها الجغرافي بحسب المؤسسة والقضاء والمهنة والعمر ومعايير أخرى».
إلا أن العدد الذي سجل وهو 470 إصابة، أثار جدلاً، إذ قال البعض إن العدد ليس دقيقاً لكونه لا يعكس الواقع في المدارس الرسمية والخاصة، باعتبار أن الأخيرة لم تكن متجاوبة لناحية التبليغ عن الحالات. في حين اعتبر البعض الآخر الرقم «عادياً وغير مخيف» بالنظر إلى أعداد المعلمين والطلاب في المدارس الرسمية والخاصة، كما هي حال ممثل مدارس المصطفى في اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، محمد سماحة.
سماحة نقل أجواء الاتحاد الذي يرى أن التعليم الحضوري مع اتخاذ الإجراءات الصحية والوقائية اللازمة وتشدد وزارتي التربية والصحة في الرقابة على المدارس أسلم تربوياً من التعليم عن بعد، وإن كانت مؤسساته ستلتزم قرار الإقفال العام.
مع ذلك، دق سماحة ناقوس الخطر لجهة مصير العام الدراسي الذي بات في منتصفه، فيما لم توضع حتى الآن حلول وطنية للامتحانات، سائلاً ما «إذا كنا نتحمّل عاماً دراسياً ثانياً من دون شهادات رسمية». وأكد أهمية التشدد في الإقفال العام لتجنب خسارة عام دراسي ثان.
في الواقع، يكاد المعنيون بالقطاع التربوي يجمعون على أنه «لا يجب أن نسمح بإعطاء الإفادات للسنة الثانية». ونقل مدير متوسطة رسمية هواجس المديرين بشأن إنهاء العام الدراسي، فيما لم ينجز حتى الآن سوى 20 في المئة منه نتيجة التعطيل القسري، وشكل تقييم الطلاب (الامتحانات) وقانونية التعلم عن بعد والتقييم عن بعد، في ظل استمرار التخبط في الوزارة وعدم وجود رؤية واضحة للتعويض التربوي على الطلاب لجهة تأمين الكفايات المطلوبة في هاتين السنتين المتعثرتين، بعدما أثبت الترفيع الآلي فشله.
شهدت الفترة السابقة عدم شفافية في التبليغ عن الإصابات في المدارس


المدير أقر بأن العام الدراسي لم ينتظم في المدارس الرسمية على الأقل، إن لجهة إقفال المناطق المسماة حمراء أو لجهة عدم الجهوزية لدى البعض لمواكبة التعلم عن بعد. ويتناقل المديرون بأن الإجراءات تبدأ وتنتهي عند بوابة المدرسة، في إشارة إلى عدم الرقابة على اكتظاظ الباصات المدرسية التي تنقل الطلاب، أو وعي الأهل لعدم إحضار أولادهم المرضى إلى المدارس، وهي حالات تكررت في تجربة التعليم المدمج.
المدير قال إن التجربة أثبتت «أننا لا نستطيع الاعتماد على وعي الناس، في حين أن المديرين ليسوا مسؤولين عما يحدث خارج حرم المدرسة، إذ يجب أن يكون هناك دور لوزارة الذاخلية ووزارة الصحة والبلديات التي تقع المدارس في نطاقها». ودعا الى إتمام ما تبقى من العام الدراسي عن بعد وتحديد آليات للتقييم عن بعد، مع الحرص على إنجاز استحقاق الامتحانات الرسمية.
وبعد ورود شكاوى عدة إلى وزارة التربية لتحضيرات تقوم بها بعض المدارس الخاصة لفتح أبوابها اليوم، خلافا لتوجيهات الوزير، أنذر رئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر المدارس بأن أي مخالفة من هذا النوع ستؤدي إلى إجراءات صارمة وفق ما تنص عليه القوانين. وكانت هذه المدارس خرقت مذكرة التعطيل بمناسبة الاعياد، والزمت الطلاب بالتعليم الحضوري.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا