رأى الحزب الشيوعي أن «إنقاذ لبنان وخلاصه يتوقّفان على كلمة الشعب وموقفه في لحظة تاريخية هي الأخطر في تاريخ لبنان الذي يهدّد انهيار اقتصاده ونظامه المالي والمصرفي والنقدي بتفكيك المرتكزات الوجودية للمجتمع والكيان». كما أن «اللحظة هي من أخطر اللحظات في تاريخ المنطقة، حيث تلوح صيغ على غرار سايكس - بيكو هدفها تفتيت المنطقة وفرض الشروط الأميركية – الصهيونية، ونشر التطبيع والحروب والعقوبات لتصفية القضية الفلسطينية في إطار صفقة القرن».واعتبر الحزب، في مؤتمر صحافي عقده أمينه العام حنا غريب، أمس، أن «المنظومة اللبنانية الحاكمة مهّدت الطريق أمام المشروع الأميركي والصهيوني الرامي إلى إخضاع لبنان، عبر السطو على المال العام والخاص وتعريض الشعب اللبناني لمخاطر الفوضى والمجاعة والهجرة شبه الجماعية، على وقع انهيار سعر الليرة الذي سيتفاقم مع وقف دعم أسعار السلع الأساسية». وشدد على أنَّ «السياسات العشوائية، في موضوع الدعم وغيره من المواضيع الحياتية المُلحّة، لم تعد تنفع. فقد فشل هذا النظام فشلاً ذريعاً في كل سياساته، وأوصل البلد والمجتمع الى الخراب. والحاجة باتت ماسّة لقيام نظام بديل من خلال حكومة وطنية انتقالية من خارج هذه المنظومة البائسة تتمتع بصلاحيات استثنائية وتشريعية واسعة، ترسي أسس بناء دولة علمانية وطنية وديمقراطية، دولة للعدالة الاجتماعية، تتولى وضع خطة اقتصادية - اجتماعية تعيد ثقة المواطن بالبلد والدولة والاقتصاد. ومعالجة الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية هي معالجة سياسية قبل كل شيء، وهي أقصر الطرق للشروع في بلورة معالجات جدية ورصينة لمشاكل البلد، بما فيها مشكلة الدعم، من خلال توجهات ترفع لواءها قوى التغيير الديمقراطي». ومن أبرز هذه التوجهات: «وضع ضريبة على الثروة لاسترداد الأموال التي أهدرت على تسديد فائض كلفة خدمة الدين، أي فائض معدلات الفائدة (نحو ثلث إجمالي كلفة خدمة الدين خلال ربع قرن، أي ما يمثّل 27 مليار دولار)، واستعمالها لخلق فرص عمل عبر الاستثمار في مشاريع إصلاح البنية التحتية الأساسية وتطويرها، وإنشاء «صندوق عائلي» مؤقت لدعم الأسر الفقيرة عبر تحويلات نقدية». ومن بين هذه التوجهات، أيضاً، «التحقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان وشتى مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة الإنفاق العام وزيادة وزن الاستثمارات العامة فيه، وكذلك الإيرادات العامة، ولا سيما النظام الضريبي الذي ينبغي أن يخضع لتركيبة تصاعدية، وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وتفكيك الاحتكارات في مجالات النفط والدواء والحبوب والقمح، وتصحيح الرواتب والأجور، وتدعيم مشروع التغطية الصحية الشاملة ومشروع النهوض بنوعية التعليم الرسمي، إضافة الى تنفيذ خطط للسكن الشعبي والنقل العام».
المنظومة الحاكمة مهّدت الطريق أمام المشروع الأميركي والصهيوني


ورأى غريب أن «لبنان اليوم مهدد بوجوده ومصيره، ومنظومة المحاصصة الطائفية تربط بقاء نظامها وتبعيته ببقاء لبنان ككيان وكوطن، والكلام عن اختفاء لبنان له أساسه في كل ما يطرح من مشاريع فدرلة ومثالثة في مواجهة مشروعنا المتمسك ببناء دولة علمانية ديمقراطية. فالأزمة شاملة وجذرية ومفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها خطر إعلان لبنان دولة فاشلة، على نحو يجيز وضع هذا البلد تحت وصاية دولية أو يعرّضه لخطر العدوان الأميركي - الصهيوني إذا ما أيقنت أنَّ الكيان الصهيوني سينتصر في هذا العدوان».
أمام هذه المخاطر، اعتبر غريب أن «تحويل الانتفاضة إلى ثورة شاملة، هدفها إسقاط نظام التبعية والمحاصصة الطائفية وإقامة نظام المواطنة والعدالة الاجتماعية، أكثر من ضرورة لمنع المنظومة الفاسدة من أخذ البلد الى الفوضى والصدامات الطائفية، وللحؤول دون تهرّبها من دفع الثمن عمّا ألحقته من أضرار بمصالح البلد والشعب، وبخاصة عماله وفقراءه». ودعا إلى تصعيد المواجهة بالتنسيق مع كل قوى التغيير الديمقراطي، ضمن خطة مفتوحة ومتصاعدة تدريجياً، وابتداع أشكال وأساليب جديدة في المواجهة تحوز الدعم والتأييد الشعبيّين.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا