بعد سنوات من المطالبات الحثيثة بتجريم التحرّش الجنسي بمختلف أشكاله وأماكن وقوعه، أقرّ مجلس النواب، أمس، القانون الرامي إلى تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه «ليُصبح للبنان للمرة الأولى قانون يعاقب مرتكبي هذا الجرم ويؤمّن الحماية والدعم لضحاياه»، وفق البيان الاحتفائي الصادر عن الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.ورغم أن إقرار القانون تطوّر لافت على الصعيد الحقوقي، إلا أنه يبقى مشوباً بشوائب قد «تؤدي إلى تعطيل فعاليته في حماية ضحايا التحرّش»، بحسب المحامي كريم نمور. ولعلّ أبرز الإشكاليات تلك المتعلقة بإبقاء عبء إثبات فعل التحرّش على الضحية وليس على المرتكب الذي يقع عليه في القوانين النموذجية إثبات عدم حصول الجرم. كما همّش التحرّش المعنوي «الذي من شأنه أن يؤثر مُباشرةً على التدريب المهني أو على الاستمرارية في الوظيفة أو على الترقّي بها (...)»، لافتاً إلى «مختلف أنواع التعسف والترهيب والتسلّط التي يعانيها عدد هائل من الأجراء».
كذلك لفت نمور إلى عدم إيلاء القانون أي دور للقضاء المدني أو لمجالس العمل التحكيمية أو للوساطة. إذ إنه غلّب «المنطق العقابي»، وهمّش اللجوء إلى وسائل بديلة وقائية لحل مثل هذه النزاعات قبل الذهاب إلى القضاء الجزائي، «لأن سلوك الطريق الجزائية مباشرةً مع ما يستتبع ذلك من علانية وتوقيف وعقوبة قد يُغيّب أي فرضية للمحافظة على بيئة اجتماعية أو بيئة عمل سليمة».
أهمية الالتفات إلى هذا النوع من الإشكاليات هي أنها تحول دون تحريف جوهر القانون ودون الحاجة إلى إصدار تعديلات بشكل مستمر ليصار إلى حسن تنفيذه.
إلى ذلك، أقر مجلس النواب، أمس أيضاً، تعديلات على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري بعد ست سنوات على إقراره، «بعدما تبيّن وجود ثغرات في بعض مواد القانون استناداً إلى نتيجة التجربة العملية في تطبيقه لدى القضاة المعنيين»، وفق الهيئة الوطنية لشؤون المرأة التي رحّبت بهذه التعديلات، ووصفتها بأنها «خطوة إيجابية نحو تأمين حماية أكبر للمرأة المعرّضة للعنف ولأولادها (...) في ظلّ ارتفاع نسبة جرائم العنف الأسري خلال فترة الحجر الصحّي التي فرضتها جائحة كوفيد-19». ومن أبرز التعديلات التي أقرت زيادة عدد القضاة المولجين بالتحقيق والنظر في قضايا العنف الأسري، والحرص على أن تكون الضحية على بيّنة من حقوقها أمام القضاء وبالاستعانة بالمساعدة الاجتماعية، فضلاً عن شمول أمر الحماية الذي يصدر لمصلحة ضحية العنف الأسري، أطفالها البالغين من العمر 13 سنة وما دون، فيما كان أمر الحماية لا يشمل سوى من هم في سنّ الحضانة القانونية وفق أحكام قوانين الأحوال الشخصية. كما بات في القانون الجديد، لأي قاصر الحق بأن يطالب بأمر الحماية دون وليّ أمره.
أما التعديلات التي كانت الهيئة قد طالبت بها ولم يجر اعتمادها فهي أن يشمل القانون الجرائم التي ترتكب «أثناء العلاقة الزوجية أو بعد انحلالها»، وإلغاء جريمة الزنا وأن يشمل قرار الحماية حكماً كل أولاد الضحية القاصرين.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا