«#طلاب_17_أكتوبر» الاسم الذي اختارته قوى طالبية ويسارية للانخراط في ساحات الانتفاضة، لم يتحول إلى إطار طالبي حاضن يطرح خطة عمل بعناوين سياسية وأكاديمية مشتركة، كما كان مرسوماً. لكن ثمّة قناعة تولّدت لدى المجموعات الطالبية بأن هناك «مكتسبات» صغيرة للطلاب لم تكن لتتحقق لولا «17 تشرين». قضايا الجامعة اللبنانية تحولت إلى قضايا رأي عام. الجامعات أصبحت موصولة بما يحدث خارج حرمها. القضايا السياسية اليومية حلّت طبقاً رئيساً على لائحة اهتمامات الطلاب، لم يعد هؤلاء مفصومين عن واقعهم.
(هيثم الموسوي)

الانتفاضة أوجدت علاقة جدلية بين الشارع والجامعة، فيما الطموح أن تُسهم هذه التجربة في اختيار ممثلين للطلاب قادرين على حماية حقوقهم ومصالحهم، كما تقول الناشطة في تكتل طلاب الجامعة اللبنانية، سكينة بسمة. لا تخفي «أننا غارقون في دوامة ترف النضال نتيجة الانهيار الاقتصادي وكورونا»، لكنها مقتنعة بأن تحفيز العمل الطالبي لجهة ربط أزمة الجامعة بالسلطة السياسية بات أسهل بعد 17 تشرين. على جدول أعمال التكتل في المرحلة المقبلة أولويتان: تكريس المنح الجامعية ومجانية التعليم كحق للطلاب بعيداً عن «صناديق الشحادة» التي تقيمها إدارة الجامعة، والمطالبة بتأمين عدالة التعليم وتكافؤ الفرص من خلال التعليم «أونلاين».
قدرة الطالب على التغيير لا يمكن أن تحصل، كما قالت، في ظل تغييب الانتخابات الطالبية لنحو 12 عاماً والإصرار على التقسيم الطائفي للفروع وتكريس العلاقة الزبائنية.
الأكيد بالنسبة إلى بسمة أن العمل النضالي لن يبقى في المدى القريب أسير جدار الفايسبوك وتويتر، إذ لا بد أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الواقع الصحي تفصيلاً أمام القضايا الأخرى.
من مكتسبات 17 تشرين، بحسب الناشط في قطاع الطلاب والشباب في الحزب الشيوعي سمير سكيني، أن يفوز المستقلون في الجامعة اللبنانية الأميركية بـ52 في المئة من مقاعد المجلس الطالبي، وأن يقوم طلاب الجامعة اللبنانية بضغط إعلامي واسع لمواجهة تعميم رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب الرقم 34 الذي يلزم الطلاب الراغبين بالتسجيل للعام الدراسي الحالي، بكتابة تعهّد بعدم توجيه انتقادات إلى الجامعة والمسؤولين فيها على وسائل التواصل الاجتماعي. والمعركة حول التعميم لا تزال مفتوحة في القضاء، لأن إلزامية التوقيع على التعهد لا تزال تُعد شرطاً للتسجيل في بعض كليات الجامعة وفروعها.
دولرة الأقساط ومجانية التعليم وعدالته عن بعد أبرز عناوين المرحلة المقبلة


بعد الانتفاضة، بات النقاش ممكناً مع الطلاب، كما قال سكيني، حول ما فعله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لجهة طباعة 10 آلاف مليار ليرة خلال شهرين لمعالجة خسائر المصارف، فيما الدولة ليست مستعدة لزيادة مليار واحد على موازنة الجامعة اللبنانية لتغطية احتياجاتها من القرطاسية وأوراق الامتحانات.
بدا لافتاً ما قاله سكيني لجهة أن التعليم عن بعد سيف ذو حدين، إذ يريح أحزاب السلطة، لكونه يحول دون تجمع الطلاب ضمن أطر ديمقراطية في الجامعة.
«الجامعة الأميركية في بيروت وصلت إلى حافة التحولات السيئة جداً بالنسبة إلى نظامها المالي وطبيعتها كمؤسسة تعليمية وأكاديمية من جهة ودورها كساحة للنقاش الحيوي من جهة أخرى». هذا ما أقرّت به الأندية العلمانية في الجامعة. معركة دولرة الأقساط لم تنته بعد. في الأشهر الماضية، بعثت الإدارة برسائل إلى الطلاب عبّرت فيها عن رغبتها بتحويل تسعيرة القسط من 1515 ل.ل/دولار إلى معدل رقمي يقارب سعر السوق في فصل الربيع من العام الدراسي 2020 - 2021. وبحسب الأندية، مارست الإدارة المراقبة المسبقة على نشاطات النوادي الطالبية المسجّلة في الجامعة، عبر إجبارها على توقيع تعهد بعدم نشر أيّ مواد من دون موافقة الإدارة، إضافة إلى عرقلة الانتخابات الطالبية وتجاهل البدائل الممكنة.
إلاّ أن عضو شبكة مدى الشبابية (تضم الأندية العلمانية في الجامعات الخاصة)، كريم صفي الدين أكد أن طلاب الجامعة سيبنون في التحضير لانتخابات AUB في تشرين الثاني المقبل على نتائج انتخابات LAU وإعادة إحياء الحرية للممارسة السياسية داخل الحرم الجامعي بعيداً عن الاصطفافات. كذلك ستنسق المجموعات الطالبية في الجامعة مع باقي المجموعات في الجامعات بالنسبة إلى الدولرة، باعتبار أن جامعات عدة ستعيد تقييم تسعيرة القسط في الربيع المقبل من دون أن تطرح في المقابل أيّ مساعدات مالية أو منحٍ دراسية إضافية.
«ما مشي الحال»، هكذا يقيّم منسق قطاع الطلاب في حركة «مواطنون ومواطنات في دولة»، الكسي حداد، التجربة الطالبية خلال هذا العام، في إشارة إلى طرح الحلول للقضايا الجامعية «بشكل شعبوي ومجزّأ ومعزول وبلا أي تنسيق بين المجموعات». الدولار الطالبي مثلاً، طُرح للطلاب اللبنانيين في الخارج من دون أن تكون هناك معالجة شاملة للملف وإذا ما كانت هناك حاجة لتشمل طلاب الجامعات في لبنان أو تتحول الأموال لدعم موازنة الجامعة اللبنانية. النقاش مع الأحزاب اليسارية يتطلب أن تكون هناك جرأة لطرح مشروع سياسي واقتصادي شامل، وأن يكون للطلاب تأثير في السياسات العامة وأن لا يقتصر حضورهم على مجرد الفوز في الانتخابات الطالبية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا