يُقر أساتذة في التعليم الثانوي الرسمي بأنّ «المناقلات» في زمن الوزيرين أكرم شهيب وطارق المجذوب اختلفت، وأن القانون يُطبّق على نطاق أوسع، ولم تعد الثانويات ودور المعلمين، كما في أيام الوزراء السابقين، تفاجأ في أي وقت من السنة الدراسية بحرمانها أساتذة تحتاج إلى خدماتهم، أو بانتقال معلّمين من أصحاب الحظوة السياسية إلى المدارس والدور من دون أن يكون لديهم أيّ عمل، وبالتالي من حاجة إلى فائض، ما مثّل لوقت طويل هدراً في المال العام. علماً أن قانون المناقلات ينص على أن أي نقل للأساتذة من مدارسهم إلى مدارس (تكون في الغالب قريبة من أماكن سكنهم) تقع في قضاء آخر يتطلب 5 سنوات وسبع سنوات إلى محافظة أخرى فيما يُسمح بالانتقال للذين يتزوجون بعد التعيين.لكن قصص المعاناة مع تطبيق القانون باتت كثيرة، ولا سيما في ظل استفحال الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا اللتين فرضتا ظروفاً مستجدة. الأستاذة الثانوية ليلى الموسوي، مثلاً، لم توفر وسيلة للانتقال طيلة السنوات الأربع الماضية من دون أي نتيجة، علماً أنها لم تختر قضاء أو محافظة غير مكان سكنها، بل قدّمت الامتحان في بيروت حيث كانت تعيش مع أسرتها، قبل أن تضطرها ظروف سفر زوجها بعد ذلك إلى السكن في صور قرب أهلها. أستاذة اللغة العربية تغادر منزلها في صور، صباح كل يوم، إلى مدرستها في ثانوية صباح الأحمد الصباح في منطقة حارة حريك، في رحلة يومية تجتاز خلالها 87 كيلومتراً، بواسطة وسائل النقل العام، وهو ما عزّز إصابتها بالفيروس كما بدت مقتنعة. وسيكون على الموسوي أن تنتظر حتى عام 2025 لتستطيع الالتحاق بمدرسة قريبة من مكان سكنها، باعتبار أنها دخلت ملاك التعليم الثانوي الرسمي عام 2018.
يجتاز بعض الأساتذة عشرات الكيلومترات يومياً للوصول إلى مدارسهم


أستاذ الفيزياء في ثانوية منيارة الرسمية (عكار)، وائل نور الدين، يحتاج إلى أن ينتظر الوقت نفسه قبل أن يتسنّى له التدريس قريباً من بلدته دير كيفا في قضاء صور، وكي لا يضطر لأن يجتاز يومياً 207 كيلومترات لبلوغ ثانويته. حالياً، يستغرق مشواره اليومي خمس ساعات، إذ يستيقظ في الثالثة صباحاً ليكون «على الدوام». بعد الأزمة، تضاعفت كلفة «نقلياته» مرتين أو ثلاثاً، لكونه يستقل خمسة «فانات»، في حين انخفضت قيمة راتبه في المقابل إلى الخمس (من 1600 دولار إلى 250 دولاراً).
بحسب نور الدين: «الوضع إنساني بحت ونحن لا نطالب الوزير بمخالفة القانون بقدر ما ننشد القليل من الرحمة، ومراعاة هذا الواقع المستجد مادياً وصحياً ونفسياً وحتى أمنياً بالنظر إلى المعاناة التي عشناها العام الماضي مع قطع الطرقات»، شارحاً: «أننا نستطيع أن ننتظر حتى حزيران المقبل لمعالجة قضيتنا، وهو الموعد القانوني للبتّ بمسائل المناقلات، أو بالحد الأدنى السماح لنا بما يُسمى الإشراك بين ثانويتين، بحيث يُوزع نصاب التدريس بين الثانوية التي نعلّم فيها والثانوية التي سننتقل إليها».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا