على عجل، قلّص المركز التربوي للبحوث والإنماء المناهج التعليمية لتتماشى مع ظروف التعليم في زمن كورونا. كان المركز واضحاً لجهة أن المشروع المُنجز يسري استثنائياً على العام الدراسي الحالي 2020 - 2021، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً بعدما تتحسن الأحوال. مع ذلك، أخذت مصادر الأساتذة على التقليص أنّه لم يستقدم فريق عمل ذا كفاءات استثنائية وخبرات واسعة في ظرف استثنائي، وأن اعتماد المحسوبيات في اختيار الأشخاص في بعض الأحيان يمكن أن يصلح لورشة عمل وليس لمطبخ مناهج وطنية. وبما أن العمل بدأ في حزيران الماضي، فإنّ إدارة الوقت كانت تتطلب، بحسب المصادر، إنتاجاً سريعاً في حالة الطوارئ، كي يتسنى عرض المشروع على أساتذة المواد لإبداء الملاحظات عليه، وهذا ما لم يحصل.المركز أعلن أنه خفّض عدد أسابيع التعليم من 26 أسبوعاً إلى 13 أو 15 أسبوعاً بالحدّ الأقصى، أي 50% من المنهج، فيما بدا من ملاحظات بعض الأساتذة في مواد مختلفة أنّ التجزئة كانت كمّية وليست في المضمون، وما تقلّص إلى النصف هو عدد أسابيع التعليم وليس المحتوى، وبالتالي فإنّ إنجاز ما بقي من المحاور والدروس يحتاج إلى أكثر من 15 أسبوعاً في بعض المواد. كما أن الوقت المقترَح لمراجعة المكتسبات السابقة من العام الدراسي الماضي احتُسِب ضمن الـ13 أسبوعاً، علماً بأن ذلك يتعلق بأحوال كل مدرسة أو ثانوية، وما أنجزت سابقاً من المنهج وما لم تُنجز.
الاعتماد على جدول الكفايات «شيفرة» لم يفهمها أساتذة مواد اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، ما سبّب إرباكاً لدى كثيرين منهم. فالتقليص طال الأهداف وليس المحتوى، وبالتالي فإنّ هؤلاء يحتاجون إلى العودة إلى المنهج لمعرفة المحتوى المحذوف.
في اللغة العربية، مثلاً، حُذفت الرواية من المرحلة الثانوية، علماً بأنه كان يمكن، بحسب مصادر الأساتذة، استثمار هذا المحور في التعليم عن بعد، من خلال الطلب إلى الطلاب استثمار وقتهم في القراءة، كما لم تكن هناك مراعاة للمهارات الأساسية التأسيسية مثل الافتراض بأن المكتسبات السابقة حصلت، كأن يُحسم مثلاً أن التلميذ أنهى القراءة في الروضة الثالثة، من دون أن تكون هناك مراعاة للظروف الاستثنائية.
بالنسبة إلى أستاذة اللغة الإنكليزية في التعليم الثانوي سوزي برجي، أتى التقليص «عشوائياً وغير مبنيّ على أرقام ومعطيات السنة الدراسية الماضية، فهو غير مدروس من ناحية الوقت والأهداف والاستمرارية والمحاور التي لم يُحذف منها شيء، إنما جرى حذف الدروس ضمن المحاور، بدلاً من أن يجري دمج للمحاور لتحقيق الأهداف. كذلك فإنّ الأستاذ يحتاج إلى شرح لما حذف بالضبط من خلال إعطائه نماذج دروس تفاعلية».
وفي المواد الأخرى، حصل إرباك من نوع ثانٍ من خلال دمج المواضيع الأساسية والمواضيع المستمرة أي تلك التي لديها صلة بالسنوات الأدنى. بمعنى آخر، لم يكن المعيار واضحاً ما إذا كان الحذف قد طال التكرار أم طال المحتوى وبالتالي الأهداف التي ليس لها علاقة بالصفوف الأخرى.
بعض المواد يحتاج إنجازها إلى أكثر من 15 أسبوعاً


وبحسب أستاذة الكيمياء في التعليم الثانوي الرسمي ميسون سليمان، «كان من الأجدى إرسال جدول أو template يُظهر بشكل واضح ما هو الجزء المُلغى من الدرس أو ما هو الدرس الكليّ الملغى».
ومع أنّ التقليص الأخير طال الحشو المتكرر في المادة، أوضحت سليمان أن التقليص المتكرر الذي طرأ على المادة منذ وضع المناهج عام 1997 أفقد المنهج قيمته، فلم يترك للتلميذ أيّ مجال للتحليل والربط والتفكير، وليس مطلوباً منه سوى أن يكون قادراً على تطبيق القاعدة فحسب. سليمان لفتت إلى أنّه «لم يكن هناك تنسيق بين لجان المواد، كأن تتكرر دروس في مادتين مختلفتين مثل الكيمياء والفيزياء مثلاً ويجري حذفها في المادتين».
في الرياضيات، لم تصل نسبة التقليص إلى 50% انما تراوحت بين 30% و35%، بحسب مصادر الأساتذة. كذلك ألغيت دروس مهمة مثل trigonometrie في الصف الثانوي الأول، فيما أبقيت دروس أقل أهمية مثل statistics. ويستحيل، بحسب المصادر، إنهاء المنهج في 13 أسبوعاً. إلّا أن أستاذة الرياضيات في المرحلة المتوسطة جيهان بركات التي شاركت في مشروع التقليص نفت أن تكون وصلت إلى اللجنة أية ملاحظات، موضحة أن التقليص اعتمد معايير محددة ومنها أنه سيُطبق لمرة واحدة فقط، وأن يحمل الموضوع الذي جرى الإبقاء عليه صفة الاستمرارية أي أنه سيُبنى عليه للصف الأعلى، وأن يتوافق مع ما يساعد التلميذ على التفكير الناقد والرياضي والمنطقي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا