ترايسي شمعون، هي «ضربة» جديدة يتلقاها رئيس الجمهورية ميشال عون. في تموز 2017، اختارها لتكون «سفيرته» إلى الأردن. سفيرة من خارج الملاك جرى تعيينها، لسببين: أولاً، وفاء رئيس الجمهورية لعلاقته التاريخية مع والدها، الشهيد داني شمعون. وثانياً، بسبب الصلات الجيدة التي تربطها مع حكّام الأردن، وقد ورثتها أيضاً من عائلتها، ما اعتُبر حينها عاملاً إيجابياً مُساعداً في توسيع آفاق لبنان وتعميق علاقاته العربية. مثّل تعيينها «تحدّياً» للقوات اللبنانية، في عزّ صعود نجم «اتفاق معراب». فحينذاك، حاول رئيس حزب «القوات»، سمير جعجع، وضع «فيتو» على تولّي «ابنة داني شمعون» بعثة دبلوماسية. بعد ثلاث سنوات، انتقلت شمعون من موقع التموضع إلى «جانب» عون لتقف «بوجهه»، مُتحدّيةً رئاسته، داعيةً «شعب لبنان» إلى التمرّد عليه. تغافلت ترايسي عن السبب الرئيسي الذي زكّى تعيينها، رغم وجود العديد من أبناء السلك المُستحقين التعيين في المركز، مُعلنةً في أولى إطلالاتها الإعلامية بعد الاستقالة، أنّ «ملك الأردن عبد الله الثاني طلب تعييني». هذا الإعلان لا يُدين شمعون، بل دولة تدّعي السيادة واحترام دستورها، في حين أنّه حتى قرار اختيار الناطقين باسمها في عواصم العالم، منزوع منها. ويجوز عندها السؤال عن أي سياسة كانت تُطبّقها السفيرة؟ تعليمات الدولة اللبنانية أم ما يُناسب مصالح الملك الأردني؟ وأضافت أنّ وظيفتها سمحت لها بتكوين شبكة علاقات، ناقشت معها قرارها بالتنحّي عن مركزها!
حين أعلنت سفيرة لبنان لدى الأردن «انشقاقها» عن «الدولة اللبنانية»، لم تكن قد أرسلت بعد كتاب استقالتها كما تقتضي أصول العمل الدبلوماسي إلى إدارتها. إلا أنّ ذلك لم يمنع حفيدة رئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون من إطلاق العنان لتمرّدها. أتت إلى بيروت، شاركت في لقاءات إعلامية وأخرى غير علنية، «وجّهت» تحركات مُعارضين، ثمّ عادت إلى الأردن... إلى مقرّ البعثة اللبنانية في المملكة الهاشمية. ما زالت تشغل ممتلكات الدولة اللبنانية، بحجّة إعداد الملفات لتسليمها، كما ينقل دبلوماسيون. ولكنّها تمكّنت من المواءمة بين العملين: الإداري و«الثوري». آخرها كان انتشار تسجيل صوتي لشمعون، وصفته بأنّه «رسالة طارئة». تتوجّه السفيرة المُستقيلة إلى «شعب لبنان»، مُخبرةً أنّ «القيادة اللبنانية أخسرتكم أموالكم، دمّرت وظائفكم، ومنازلكم، وسرقت أرواح أحبابكم. الآن سيُحاولون ترهيبكم بانتشار كورونا.
مرسوم استقالتها بات جاهزاً ومن المفترض توقيعه هذا الأسبوع

سيُحاولون إسكاتكم. ولكن دعوني أُخبركم أنّكم أصلاً ميّتون إن لم تفعلوا شيئاً». وتُضيف شمعون أنّ «الرئيس (تقصد عون) مُصرّ على البقاء في السلطة لقوله إنّه يقوم بواجباته الدستورية. فليقم بها الآن! يجب أن تطلبوا منه أن يبدأ فوراً مشاورات لتسمية رئيس وزراء جديد، يكون فقط شخصاً مقبولاً من شعب لبنان ولديه علاقات دولية جيدة. يجب أن تُؤلف حكومة جديدة بسرعة وبشكل طارئ. لبنان لم يعد بإمكانه الانتظار». من غير الواضح إن كانت شمعون في إطلاقها «النفير العام» تتوجّه إلى الشعب اللبناني كما تقول، أم «المجتمع الدولي»، لكون رسالتها سُجّلت باللغة الإنكليزية.

جرى تعيين شمعون وفاءً لوالدها داني، وبسبب علاقتها الجيدة مع حُكّام الأردن


تقول شمعون في رسالتها أيضاً إنّ «50% من الشعب تحت خط الفقر. أنا أسألكم في ظلّ التعبئة العامة أن تُنظّموا أنفسكم إلكترونياً ونشر الرسالة على جميع منصات التواصل الاجتماعي. حضرة رئيس الجمهورية، وصحبه، لا يُمكن إسكات أصوات شعب لبنان بالتعبئة العامة، نطلب أن تقوم بواجباتك فوراً، وتبدأ مسار تسمية رئيس حكومة يُشبه شكل لبنان الجديد، حتى ولو إلكترونياً. ولنُذكّر رئيس الجمهورية بأنّ شعب لبنان سيُحاكم الاسم الذي سيُسميه».
الموضوع ليس النقاش في مواقف شمعون السياسية، بل في سؤال الحكومة حول عدم قبول استقالتها رسمياً بعد، لكونها لا تزال «شكلياً» السفيرة في الأردن، وتستفيد من راتبها. تقول مصادر دبلوماسية إنّ مرسوم استقالة شمعون بات جاهزاً وسيتم توقيعه من قبل رئاستَي الجمهورية والحكومة ووزارة الخارجية هذا الأسبوع، على أن يتولّى مهام البعثة في الأردن، القائم بالأعمال، جورج فاضل.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا