ستة أشهر مضت على آخر راتب تقاضاه موظفو مراكز الخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية. ثقلُ الأزمة الاقتصادية بالنسبة إلى هؤلاء مُضاعف، إذ إنهم محرومون، منذ كانون الثاني الماضي، من مُستحقاتهم التي بات يعادل بعضها مئة وخمسين دولاراً.مصادر الموظفين تقول إن أموالهم «ضائعة» بين الوزارة وديوان المحاسبة، فيما تفيد المعطيات بأن التأخير سببه خلاف قانوني وإداري بين المدير العام للوزارة القاضي عبد الله أحمد ورئيسة الغرفة الرابعة في الديوان المسؤولة عن رقابة وزارة الشؤون القاضية نيلّي أبي يونس.
وهناك 240 مركزاً مخصّصاً للخدمات الإنمائية موازنتها السنوية 33 مليار ليرة، وتضم أكثر من 2150 موظّفاً (نحو 700 مستخدم نظامي و700 طبيب ونحو 750 موظفاً مياوماً كعمال تنظيفات وغيرها).
أحمد أوضح لـ«الأخبار» أن دفع الرواتب يحتاج إلى موافقة ديوان المحاسبة على طلبات إقرار المُساهمات التي أرسلتها الوزارة، «وقد جرت العادة على أن تتم الموافقة على الطلبات»، لافتاً إلى أنّ الديوان طلب توضيحات حول مشاريع الوزارة واستفسارات «روتينية» تتعلق بالرواتب.
إلا أنه، من جهة أخرى، يبدو أن لدى الديوان شكوكاً تذهب أبعد من «الاستفسار»، وتصل إلى حدّ المطالبة بإعادة النظر في مشاريع تنفذها الوزارة.
أبي يونس قالت لـ«الأخبار» إن الديوان لا يراقب صرف الرواتب، وإنما يراقب المُساهمات، «وقد طلبنا إعادة إرسال الطلبات على شكل مساهمات لا رواتب للحفاظ على الشكل القانوني، فضلاً عن استفسارنا حول فعالية بعض المراكز وإنتاجية موظفيها». وأشارت الى أن المدير العام «أرسل لائحة بـ 74 مركزاً لإلغائها، وقد طلبنا إرسال خطة تستند إلى معايير علمية لإلغائها ضمن مهلة معقولة ومنطقية». وأوضحت أن أحمد «لم يكن يتجاوب مع مطالب الديوان، وقد أرفق خطة تتضمن مهلة 16 شهراً، وهي مدة غير منطقية، نظراً إلى قدرته على استخلاص تقارير تتعلق بإنتاجية المراكز التابعة للوزارة». أبي يونس أكّدت إصرار الغرفة الرابعة على استفسارات تتعلّق بالفروقات المالية التي ظهرت بين تقارير المراكز وقطوعات الحساب، مُشيرةً إلى أن الهدف هو الحفاظ على المال العام وحقوق الموظفين.
أحمد أقرّ بعدم وجود حاجة الى 240 مركزاً، لافتاً إلى أن الوزارة قررت في عهد الوزير السابق بيار بو عاصي إعادة النظر في كل ما يتعلّق بالمراكز وإنشاء مراكز نموذجية لا يتجاوز عددها 150 مركزاً، لأن «الاعتمادات المرصودة حالياً لا تكفي، ويجب علينا تخفيف الإنفاق (...) بحيث يضم كل قضاء بين خمسة وستة مراكز»، لافتاً إلى أنّ هذه الخطة وافق عليها الوزير الحالي رمزي مشرفية وسيُباشر العمل فيها.
الأموال «عالقة» بين الوزارة وديوان المحاسبة ووعود بحل خلال أسبوع


في المُحصّلة، النقاش بين الجهتين يخلص إلى واقع يُقرّ بوجوب إجراء إصلاح جذري في الوزارة التي تحولت مشاريعها وآليات التوظيف فيها، كما الكثير من مؤسسات الدولة، إلى توزيع للمحاصصات بهدف شراء الولاءات السياسية.
وإلى حين تحقيق الإصلاح المرجو، ماذا سيكون مصير الموظفين؟ وفق أبي يونس، فإنّ مشرفية تواصل مع الغرفة واستردّ المعاملة بناءً على توجيهات الديوان، ووعد بإعادة إرسالها بالشكل القانوني مرفقة بخطة ضمن مهلة منطقية، على أن تُحلّ مسألة رواتب الموظفين بعد أسبوع.