حقيقة الأمر أن ترتيبات جرت قبل حلقة الخميس الماضي جمعت الضيف والمُحاور وأصدقاء مشتركين. وتم التفاهم على عناوين النقاش، وثمة من يقول إنه تمّ التفاهم على ما هو أكثر. لكن الحصيلة أن ما خرج على الهواء عَكَس ما اتُّفِق عليه ضمناً، وأبرزه بالنسبة إلى المعنيين في عين التينة، الهجوم على وزير المالية. وهو نقد ليس ابن لحظته، إذ صار الجميع يعرف شكوى الوزير وزني من «تدخلات» الوزير السابق، ومن محاولة فرض تأثيره على عمل الوزارة. وهي خطوات يقول وزني إنها تخالف الاتفاق الذي شمل تعيينه وزيراً للمالية. ويبدو أن الأمر تفاقم بعدما أشيع داخل حركة أمل مناخ يقول إن وزير المالية لم يُخرج فريق الوزير السابق من مواقعه وحسب، بل إنه ترك الوزارة ليديرها المدير العام ألان بيفاني «الحاقد علينا»، بحسب ما يردد حركيون قريبون من الوزير السابق. لكن الحصيلة أن وزني شكا مرة وأكثر من أنه يعاين فخاخاً تركها له خليل أو وضعها في طريقه، وأن الاخير حاول منذ تأليف الحكومة انتزاع دوره، وأنه تقرب من رئيس الحكومة ومن فريق وزاري للقول إنه المفوّض إدارة التفاوض والحوار بشأن الخطط المالية.
حرب الشائعات لا تنتهي هنا. الأمر يتحول الى ما هو أبعد عندما يحتدم الصراع في البلد. والرئيس بري يرى أنه معني هذه الفترة بالعمل على إعادة «لم شمل» الجميع، وأنه يخوض معارك من أجل التوفيق بين القوى السياسية الكبيرة لمنع أي صدام في البلاد، ولأجل توفير «مظلة وطنية لكل خطط الإنقاذ القاسية». ولذلك، فإن من يتابع عمل رئيس المجلس يعرف أنه لا تنقصه مشاكل داخلية إضافية، وهذا ما جعله ينتقد كل حلقة الخميس الماضي من برنامج «صار الوقت»، وقال لزائريه: كيف يحصل أن يجري التعرض للجميع، من رئيس البلاد الى رئيس الحكومة الى وزيرة الدفاع، وإليّ شخصياً، من باب صفقات وشراكات؟ لكن ما لم يقله بري هو ما ردّده زوار عين التينة: كان رئيس المجلس يعاتب ضمناً وزيره ومستشاره الأقرب علي حسن خليل الذي سمع كل هذا الكلام ولم يعلّق ولم يُجِب، كما لو أنه موافق.
كان لافتاً «حياد» علي حسن خليل تجاه الاتهامات التي وُجِّهَت لحزب الله وإيران
وزير المالية الحالي أعرب لزملاء له في الحكومة ولأصدقاء له عن أنه «تعب من هذه المماحكات»، وأنه طلب من الرئيس بري أن يضع حداً لهذه الأمور، وإذا كان هناك من يريد إخراجه من الحكومة فهو يريد أن يعرف، لأنه لا يريد أن يبقى صامتاً حيال ما يجري. كذلك قال وزني كلاماً فُهم منه أنه تهديد بالاستقالة. وطلب رئيس المجلس من مستشاره الإعلامي علي حمدان تكثيف تواصله مع الوزير وزني، وإقناعه بأنه لا وجود لقرار سلبي ضدّه، وأن بري غير موافق نهائياً على ما قاله الوزير السابق في مقابلته، وأنه سيتحدث مع علي حسن خليل لمعالجة الأمر.
الأمر الآخر الذي لفت بعض المراقبين، هو ليس صمت علي حسن خليل على انتقادات تعرّض لها كثيرون من أصدقائه أو المتواصلين معه، بل إظهار مواقف حيادية لافتة حيال الاتهامات التي تعرّض لها حزب الله وإيران خلال الحلقة. وكان واضحاً أن مارسيل غانم تصرف بطريقة منظمة أقرب إلى تنفيذ اتفاق منه إلى إدارة حوار عادي.