إن كان انتشار فيروس كورونا لم يؤثر على الاستكشاف في البلوك رقم 4، فهو حكماً سيؤثر على دورة التراخيص الثانية، المحددة في الأول من حزيران، لـ«تلزيم» التنقيب عن النفط والغاز في خمسة بلوكات من البحر اللبناني. بحسب المعطيات التي تملكها وزارة الطاقة، سيكون من الصعب على الشركات المهتمة تقديم ملفاتها يدوياً، كما ينص دفتر الشروط، نظراً إلى صعوبة الانتقال وظروف الحجر المعتمدة في معظم البلدان. لذلك، يتضمن البند الأول من جدول أعمال مجلس الوزراء، الذي يعقد جلسته غداً في القصر الجمهوري، اقتراحاً من وزارة الطاقة بتعديل بعض مواد دفتر الشروط. التعديل سيسمح لهيئة إدارة البترول بتسلم العروض وفضّها إلكترونياً. وقد تم لهذه الغاية إعداد منصة إلكترونية متخصصة وآمنة (virtual data room)، بحيث تعطى كل شركة مهتمة كلمة مرور تسمح لها بالولوج إلى المنصة وتحميل ملفاتها التقنية والمالية تباعاً، علماً بأنه تبعاً لنتائج كل مرحلة تعطى كلمة المرور للشركات المتأهلة. كما ينص التعديل المقترح على أن تعود الشركات الفائزة وتقدّم ملفاتها يدوياً عندما تسمح الظروف بذلك.لكن هل من الصواب الاستمرار في إطلاق دورة التراخيص الثانية في هذه الظروف؟ مصادر متخصصة تخلص إلى أن عوامل عديدة تسمح بالاعتقاد أنه ليس من مصلحة لبنان حالياً السير بدورة التراخيص، تجنّباً لاحتمال فشلها في استقطاب الشركات أو بسبب احتمال تقديم عروض مجحفة بحق لبنان. أبرز هذه العوامل هي:
- انهيار أسعار النفط، التي ساهمت في تقليص الشركات الكبرى لميزانياتها الاستثمارية، ما يهدد بالتالي بفشل المناقصة.
- انتهاء عملية الاستكشاف في الرقعة الرقم 4، وثبوت جفاف البئر التي حفرت.
مجلس الوزراء يسمح بتقديم الطلبات إلكترونياً للمشاركة في التنقيب عن النفط


- انتشار كورونا الذي ساهم في ركود الاقتصادات العالمية.
مقابل وجهة النظر هذه، ومقابل الاعتقاد بأن التأجيل قد يكون مفيداً، وقد يسمح بالحصول لاحقاً على عروض أفضل، تعتبر وزارة الطاقة أن أي تأخير جديد سيكون إعلاناً بعدم جدّية الدولة اللبنانية، خاصة بعد أن تأجلت المناقصة مرتين.
يقول وزير الطاقة ريمون غجر إن تحليلاً للمخاطر أجري، والوزارة كما هيئة إدارة البترول، تدركان العوامل السلبية، لكن في المقابل فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن شركات عديدة اشترت الداتا، وقد يكون منها من أعدّت ملفاتها، وبالتالي فإن الإلغاء سيسبب الأذى لإحداها.
بحسب الوزارة، تم استشارة عدد من الخبراء في المجال، ومنهم خبراء نروجيين، وقد كان إجماع على وجوب الاستمرار في المناقصة، تجنّباً للتأثير السلبي على سمعة لبنان. أضف إلى أن التوقّعات العالمية تشير إلى أن الأسعار ستشهد ارتفاعاً كبيراً، ما يعيد بالتالي الشركات إلى سكة الاستثمار.
مع ذلك، فإن الخشية تبقى من احتمال تقدّم شركة واحدة على سبيل المثال. عندها، ستتمكن من التحكم في مصير الاستكشاف في البلوك الذي تفوز به، والأهم أنها ستكون في موقع يسمح لها بفرض شروطها المالية على لبنان. أما الأسوأ، بحسب عاملين في القطاع، فيكون في ضمانها الحصول على العقد وانتظار الظروف المؤاتية لها، والتي قد تمتد لسنوات، لتبدأ الاستكشاف. ومن دون أخذ المصلحة اللبنانية بعين الاعتبار.