في الجولة الثانية، صوّب القضاء وجهته في قضية «الفيول المغشوش»، ليعود قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، ويتّخذ قراراً بتوقيف المديرة العامة للنفط في وزارة الطاقة، أورور الفغالي، المحسوبة على التيار الوطني الحرّ، ويسحب الذريعة من تيار المردة الرافض لتسليم مدير المنشآت النفطية سركيس حليس للتحقيق. فهل تكون خطوة القاضي لسحب الملف من بازار السياسة أم نقلة تكتيكية لقلب الطاولة على سليمان فرنجية؟فعلَها القاضي منصور، وأصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق كل من الفغالي ورئيسة المختبرات المركزية في منشآت النفط، خديجة نور الدين. الفغالي التي حالت الحظوة السياسية دون توقيفها وشكّل التيار العوني مظلة حماية لها دوناً عن غيرها من الموظفين الباقين، أشعلت فتيل التفجير بين التيار الوطني الحر وتيار المردة على اعتبار أنّ مكافحة الفساد تسري على جميع الموظفين، باستثناء العونيين منهم. وتحوّل قرار عدم توقيفها، رغم اعترافها بتقاضي هدايا من شركة سوناطراك أسوة بباقي الموظفين الذين أوقفوا، إلى مادة للسجال الإعلامي. غير أنّ القاضي منصور الذي يعقد جلسات استجواب يومية للتحقيق في ملف الفيول المغشوش، قرر توقيفها. وهذه المرة الثانية التي يتخذ فيها منصور قراراً قضائياً ضد التيار السياسي الذي اختاره لشغل هذا المركز. وقبل ذلك، أصدر منصور قراراً ظنياً تاريخياً بحق النائب في التكتل العوني ميشال ضاهر، مدعياً عليه بإساءة الأمانة للاستيلاء على أكثر من مليوني دولار من صاحب حساب وديعة لديه.
هل يحذو تيار المردة حذو خصمه، أم سيصرّ على عرقلة التحقيق في الملف؟


هكذا يترقب كثر مسار ملف الفيول المغشوش. فهل تكون خطوة منصور بتوقيف الفغالي مبادرة من القاضي لإبعاد السياسة عن الملف القضائي، أم أنّ التضحية بالفغالي تكون مجرد تمويه لقلب الطاولة على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، على اعتبار أن العونيين رفعوا الغطاء عن المديرة المحسوبة عليهم؟ فهل يحذو تيار المردة حذو خصمه، أم سيصرّ على عرقلة التحقيق في الملف؟
تجدر الإشارة إلى أن القاضي منصور استمع نهار الأربعاء إلى إفادة كل من وزيرَي الطاقة السابقين محمد فنيش وندى البستاني، إضافة إلى مدير إحدى الشركات المشغلة لواحد من معامل إنتاج الكهرباء، المهندس يحيى مولود. وبرز لافتاً في إفادة مولود تأكيده أنه قدم عشرات التقارير التي تؤكد أن الفيول مغشوش، كاشفاً أنه أطلع الوزيرة ندى البستاني على هذه التقارير، لكنها لم تُجر أي تحقيق في هذا الخصوص. كما لم تتحرك أمام تقرير المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك الذي أكد أن الأعطال في المؤسسة ناجمة عن فساد الفيول. لكن البستاني نفت تسلّمها أي تقرير بشأن نوعية الفيول. أما فنيش فأكّد أن العقد مع سوناطراك كان حاجة للدولة اللبنانية آنذاك (عام 2005)، مشيراً إلى أنه اتصل بوزير الطاقة الجزائري يومها ليؤكد له الأخير أن الشركة تابعة للدولة الجزائرية.