أول من أمس، أقفلت بلدية الغبيري، بمؤازرة قوى الأمن، تعاونية «COOP» في المنطقة بسبب احتكارها للمواد الغذائية لإعادة تسعيرها وبيعها للمواطنين مجدداً، على أنها مستوردة. قبل تلك المؤسسة، كانت البلدية قد أقفلت 75 مؤسسة أخرى ضمن نطاقها لعدم استيفائها الشروط، إن كان لناحية عدم الالتزام بمقررات مجلس الوزراء لناحية التعبئة العامة أو زيادة أسعار السلع بلا مبرر أو الاحتكار. على ما يبدو، حملة «الإقفالات» لم تحرّك محافظة جبل لبنان، إلى أن «وصل الموسى للذقن». لم يتنبّه المحافظ لعمله عندما كانت تقفل البلدية محالاً وأفراناً وتعاونيات مخالفة إلا عندما «دقّت» بالـCOOP. هكذا، وبعد يومٍ واحد من الحادثة، قام مكاوي بصياغة تعميم «طويل عريض» للبلديات حمّله الشيء ونقيضه. ففي وقت يدعو فيه البلديات إلى التشدد في مراقبة الاتجار بالمواد الغذائية وتسعيرها وتنظيم محاضر ضبط، شدد على أن يكون ذلك «من دون أي إجراء تنفيذي آخر». فقط، «أودعوا» المحضر في المحافظة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة التي تتناسب مع طبيعة المخالفة وحجمها.يأتي هذا التعميم في خضم الدعوات الرسمية الى تفعيل دور البلديات لضبط الأسعار واحتكار المواد الغذائية. فبين مطلب مجلس الوزراء أمس إعطاء دورٍ أكبر للبلديات، جاء تعميم مكاوي ليختصر عمل الأخيرة بالاطلاع وتحرير المحاضر. هكذا، يريد مكاوي بتعميمه الذي يأتي في إطار «توقيت مشبوه ومريب ولاعتبارات سياسية»، أن يختزل صلاحيات البلديات التي تحميها المادة 70 من قانون البلديات، والتي تعطي بموجبها الرئيس صلاحية اتخاذ إجراءات تنفيذية. ولئن كان المحافظ قد استعان بالمادة نفسها من القانون، إلا أنه حصر دور البلديات بمراقبة «الاتجار بالمواد الغذائية وتسعيرها، على أن لا يتعارض ذلك مع التدابير والقرارات التي تصدرها وزارة الاقتصاد والتجارة». أما وأن وزارة الاقتصاد والتجارة لم تتخذ أي قرار حتى الآن في حق المخالفين، مكتفية فقط بتسطير محاضر ضبط وتحويلها إلى «مقبرة» القضاء، فمطلوب من البلديات بحسب تعميم المحافظ أن تترك ما يجري مكتفية بالنظر إلى الأسعار، «إذا منيحة منيحة وإذا لا بنقلو بدنا نسجل فيك محضر». بهذه البساطة، يدعو المحافظ البلديات إلى ترك دورها المحمي بالقانون خوفاً على مصالح أحد التجار. أصدر تعميماً لأجل تاجر، متناسياً أن هذا التاجر نفسه أفرغ رفوف تعاونيته من حليب الأطفال ليعيد تسعيره بمبلغ أكبر على اعتبار أنه مستورد حديثاً. والسؤال هنا: أليس ما فعله هذا الأخير جريمة يا سعادة المحافظ؟ ما المطلوب من البلدية فعله في مثل هذه الحالة؟ أن تكتفي بالسلام والنظر إلى الأسعار؟ ماذا يفترض بشرطة البلدية، وهم من أيضاً من عناصر الضابطة العدلية، أن يفعلوا في مثل هذه الحالة، في ظل تقاعس وزارة الاقتصاد ومحافظة جبل لبنان عن القيام بالواجبات؟
75 محلاً أقفلت في نطاق بلدية الغبيري بمؤازرة القوى الأمنية الرسمية، وفي أماكن أخرى أيضاً أقفلت محال كثيرة، لم يهبّ المحافظ إلى عمله إلا عندما طالت الإقفالات تعاونية التيار السياسي المقرّب منه. هذا ما التفت إليه مكاوي، ولم يلتفت إلى الجرائم التي ترتكب في كل يوم بحق الناس الذين فقدوا لقمة عيشهم.