بعد نحو 4 أيام على إعلان وزارة الداخلية الألمانية حظر حزب الله وتصنيفه منظمة إرهابية وما رافقه من دهم لمساجد ومراكز جمعيات، أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليخفف من وطأة هذا الإجراء، مصنِّفاً إياه ضمن «المتوقع». فقد سبق لدول أوروبية أخرى أن اتخذت قرارات مماثلة، ويتوقع أن تعمد أخرى الى «تنفيذ عمل من نفس النوع». فَهْم حزب الله لهذا القرار ينطلق من «خضوع الدول للإرادة الأميركية التي تمتلك مشروع هيمنة في المنطقة. فإسرائيل​ مشروع احتلال، ومن يقف في وجه هذه المخططات هو حركات المقاومة​، لذا يجب أن تدان وتحاصَر وتواجَه. أما قرار ألمانيا​ فهو سياسي وتعبير عن الضغوط الأميركية إرضاءً للكيان الإسرائيلي». وتحدى الأجهزة الاستخبارية بتقديم أي دليل (على صلة الجمعيات التي دُهمت مراكزها بحزب الله) إذا كان لديها. ففي سياق افتعال الداخلية الالمانية ذريعة لتنفيذ الأجندة الأميركية الاسرائيلية، أكد نصر الله أن «السلطات لم تقدم أي دليل على أنشطة إرهابية لحزب الله، ولم نعد نعتمد منذ سنوات إنشاء تنظيمات لنا في دول العالم، وخصوصاً أوروبا وأميركا اللاتينية. نحن صادقون حين نقول إنه ليس لدينا تنظيم في ألمانيا أو فرنسا أو غيرهما، فقد أدركنا منذ سنوات طويلة أننا لا نريد تعريض أحبّائنا في الخارج للأذى بسبب علاقة معنا، وكل ما بُني منذ سنوات طويلة غير قائم على أسس تنظيمية معنا». إلا أن الأمين العام لحزب الله شدد على ضرورة حماية الحكومة اللبنانية لمواطنيها في ألمانيا وغير ألمانيا، مديناً الاعتداء الذي حصل. من ناحية أخرى، شكر نصر الله «كل الحكومات وبعض وزراء الخارجية في العالم، رغم قلتهم، والأحزاب والتيارات التي دعمت موقف حزب الله ودانت هذا التصرف»، معتبراً أن هذه الإجراءات «ستزيد الحزب تمسّكا بقضية فلسطين».على المقلب الداخلي، كان لافتاً ثناء الأمين العام لحزب الله على «خطة الحكومة الاقتصادية الإصلاحية»، مشيراً الى ضرورة تأمين تحصين وتوافق وطني لها حتى يتمكن مجلس الوزراء من تحقيق إنجاز قريب. ونوّه بدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لرؤساء الكتل النيابية الى الاجتماع يوم غد، معلناً مشاركة كتلة الوفاء للمقاومة في اللقاء. وتمنى «أوسع مشاركة من الجميع لإبداء الملاحظات، وربما تؤدي الى إجراء تعديلات على هذه الخطة». فالأولوية اليوم وفق نصر الله هي «إنقاذ البلد»، ولو عبر صندوق النقد، بشرط «عدم تسليم رقابنا اليه». وفي المبدأ، لا يعارض حزب الله «أي مساعدة من أي جهة في العالم ما عدا أعداء لبنان، ولكنه يرفض أيضاً الاستسلام بالمطلق لشروط الصندوق». وكشف أنه «لم يحصل بعد تفويض من أي جهة في البلد للذهاب الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، لافتاً الى أن «أيّ نقاش سيحصل معه سيخضع للنقاش في الحكومة». في معرض آخر، كان للقطاع المصرفي حصة من خطاب السيد نصر الله، ولا سيما بعد الاتهامات الأخيرة للحزب بحماية صرافين واللعب باستقرار الليرة: «هذا كلام فاضي وبلا أخلاق، والاتهامات ضد حزب الله قنابل دخانية». وأشار الى «ارتكاب القطاع المصرفي أخطاءً» قائلاً: «نحن بكل صدق وصراحة لا نريد إسقاط ولا تدمير ولا الانتقام من القطاع المصرفي الذي تصرف مع حزب الله وكأنه ملكي أكثر من الأميركيين. فمنذ تأسيس حزب الله الى اليوم لم نقترب من القطاع المصرفي، رغم مبالغته بالإجراءات المتخذة بحقنا، عطفاً على المطالب الأميركية، وصولاً الى حد العدوان علينا». وأكد أنه «في ظل الأزمة المالية والنقدية الحادة التي نواجهها، فإن القطاع المصرفي لم يساعد الحكومة في مواجهتها. رغم أن المصارف من أكبر المستفيدين من السياسات النقدية والمالية المتبعة في لبنان منذ عام 1993». وشدد على وجوب مبادرة القطاع المصرفي الى مساعدة الحكومة في مواجهة الأزمة الحالية، مكرراً أن «حزب الله لا يقوم بإنشاء بنك، بل تهُمهُ مصلحة البلد. ندرك أنه إذا أراد حزب الله أن يضع يده على القطاع المصرفي فهذا ليس لمصلحة أحد في لبنان، ونحن منزعجون من القطاع وموقفنا محق. إذا أردنا أن نقوم باستطلاع رأي للشعب اللبناني، نجد أن الأغلبية تؤيد هذا الأمر»، لافتاً إلى أن المصارف أساءت الأمانة بحق المودعين. أما الحديث عن سيطرة الحزب على حاكمية مصرف لبنان، فهو «كلام سخيف جداً»، نافياً قيام حزب الله بأي نشاط صيرفي أو عمله على شراء الدولار وبيعه: «نحن لا نجمع الدولار ولا نعطي دولاراً، لا لإيران ولا حتى سوريا بل نأتي به الى لبنان».
المصارف أساءت الأمانة مع المودعين وعلى الحكومة التدخل لكبح الغلاء


وتطرق السيد نصر الله إلى موضوع الغلاء، معتبراً أن «البعض يربطه بغلاء سعر صرف الدولار، وهذا الأمر صحيح جزئياً، والدولة مسؤولة عن هذا الأمر؛ لغلاء الأسعار أسباب ثانية كالاحتكار، ونطالب الحكومة بأن تتابع موضوع الغلاء وجشع التجار، وأن لا يترك الأمر على وزارة الاقتصاد فقط، لأن الواضح أن الثقل أكبر من أن تتحمّله وحدها. على الحكومة مجتمعة أن تقوم بمواجهة هذا الغلاء». ولفت نصر الله الى وجود «آلاف الموظفين في الدولة يتقاضون الرواتب من دون عمل، فلماذا لا تستدعيهم الدولة؟ ويمكن أيضاً الاستعانة بالفرق البلدية، إضافة الى فتح ملف التطوّع، وحزب الله جاهز بتقديم 10 و20 ألف متطوع». وأشار إلى أنه «في شهر أيار منذ سنتين، قمنا بالإعلان عن توجه جديد في حزب الله لمكافحة الفساد، وبالرغم من كل الصعوبات خلال السنتين والصراعات الموجودة في البلد، يوجد شيء مهم حققناه، ويجب أن نقوم بمتابعة هذا الأمر».
في موازاة ذلك، ومع دخولِ الحكومة شهرها الثالث، وما يعنيه ذلك من محاسبتها على الـ100 يوم التي مرّت على توليها السلطة، تمنى نصر الله على «الجميع إعطاء الحكومة مهلتها، لأن هناك صعوبات وفساداً وصراعات وتعقيدات وهزات في البلد. كيف نطلب منها المعجزات خلال 100 يوم». وتطرق إلى العلاقة بين حزب الله وحركة أمل، نافياً وجود أي خلاف بينهما، بل «العلاقة قوية ومتينة ونقوم بالتشاور بشكل يومي». لكن هناك في الداخل اللبناني وخارجه من هدفه «إيجاد شرخ بين حركة أمل وحزب الله، وهذا الأمر لن يحصل بتاتاً، ويجب على الجمهور أن يساعدنا. فمن يلعب بهذا الملف لا يهتم لمصلحة لبنان، وعلى جمهور الحزبين عدم الانجرار الى الفتن، ولا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي».