لم تفلح كل المحاولات لوضع مستشفى حلبا الحكومي في الخدمة الفعلية، وخصوصاً بعدما أُدرج ضمن المستشفيات المخصّصة لاستقبال الحالات المصابة بفيروس «كورونا».كان الاعتقاد أن المشكلة تكمن في عدم توافر فحوص الـ PCR في المستشفى، قبل أن يتضح بعد إعلان وزير الصحة حمد حسن تزويد المستشفى بالجهاز واعداً بتسليمه أجهزة التنفس الاصطناعي قريباً، أن المشكلة تكمن في النقص الفادح في المعدات، وفي ورشة التأهيل والترميم المفتوحة، إذ لا يزال المختبر في مرحلة الإنشاء!
وتضم محافظة عكار أربعة مستشفيات خاصة («السلام»، «الحبتور»، «رحال» ومركز «اليوسف الاستشفائي التعليمي») ليست ضمن المستشفيات الجامعية التي يمكنها إجراء فحوص «كورونا»، إلى جانب المستشفى الحكومي الوحيد المتروك، منذ تشييده وتجهيزه عبر «مجلس الإنماء والإعمار»، فريسة للإهمال والمحاصصة السياسية ما حال دون تأهيله وتطويره، وأدى إلى بقائه لسنوات خارج الخريطة الصحية.
مصادر مطلعة لفتت إلى أن الضغوطات والخلافات السياسية حالت دون أن يدخل المستشفى الذي افتتح عام 2006 (انتهت أعمال بنائه عام 1998) حيز العمل الفعلي. وأوضحت أن مجلس الإدارة الأول الذي عُيّن عام 2006 «تسلّم كارثة. فالبناء كان في حالة يرثى لها رغم أن كلفته فاقت ثلاثة أضعاف المبلغ المخصّص، كما امتنعت الإدارة عن تسلّم المعدات الطبية المهترئة بسبب الخلافات التي نشبت بينها وبين وكيل المعدات. ورغم تعاقب أربعة مجالس إدارة على المستشفى (منها ثلاثة بالإنابة) دارت كلها في فلك تيار المستقبل، إلا أنها عجزت عن إحداث أي تغيير من شأنه تقديم خدمات طبية إلى أبناء المحافظة، فيما حامت شبهات كثيرة حول أداء عدد من رؤساء هذه المجالس، فضلاً عن التوظيف السياسي والمحسوبيات.
الإنشاءات مستمرّة في المستشفى الذي «أُنجز» عام 1998 وافتُتح في عام 2006!


أطباء عاملون في المستشفى يصفون الوضع بـ«الكارثي». فبعد شهرين على أزمة «كورونا»، لا يزال في مرحلة خاضعاً لأعمال الترميم، «وهناك تخبط في العمل وغياب التخطيط والتنظيم، فيما لا تراعي أعمال التأهيل وضع المبنى والتمديدات»، مشيرة على سبيل المثال الى «استبدال المراحيض بأخرى ذات نوعية باهظة ولكنها لا تعمل لأن لا تمديدات لها في الأصل»!
ويتساءل هؤلاء كيف يمكن للمستشفى استقبال مرضى يعانون من مشاكل في الجهاز التنفّسي وسط الغبار والروائح الكريهة؟ ولماذا لم يستخدم مبلغ المليون ونصف المليون دولار المخصص لتأهيل المستشفى منذ سنوات، والموجود في عهدة مجلس الإنماء والإعمار منذ عام 2016، لإنجاز الأعمال المطلوبة؟ كما لفتوا إلى أن إدارة المستشفى استغلّت «كورونا» وجمع التبرعات «للقيام بأعمال ليس هذا وقتها، منها أعمال تكسير وتغيير في هندسة المستشفى وهو أمر مخالف للقانون، في حين أن المطلوب تجهيز المستشفى بأقصى سرعة لاستقبال المصابين بالوباء».
مدير المستشفى الدكتور محمد خضرين أشار إلى أن المستشفى «يمكنه استقبال 37 مريضاً بحالات مستقرة، أما مرضى العناية فيتم تحويلهم إلى مستشفى الحريري في بيروت لأن غرف العناية غير جاهزة»، مؤكداً أن آلة فحص الـPCR ستكون في الخدمة «خلال أيام». وأوضح أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ستجهّز خلال عشرة أيام « 46 سريراً في باحة المستشفى لاستقبال مرضى كورونا من اللبنانيين واللاجئين».
يُذكر أن نقابة الأطباء في الشمال شكّلت لجنة طوارئ حملت توصيات إلى وزير الصحة ومحافظ عكار للإسراع في تجهيز المستشفى الحكومي، واعتماد مراكز للحجر الصحي. وشدّد النقيب الدكتور سليم أبي صالح على «أننا ندفع اليوم ثمن سياسة الدولة الخاطئة التي عمدت إلى تعزيز دور المستشفيات الخاصة عبر تمويلها بنسبة 50 إلى 60% من خزينة الدولة لأنها تضم 85% من الأسرّة، وعند وقوع الكارثة نفضت المستشفيات الخاصة يدها من الموضوع». ووصف الوضع الصحي في عكار بـ«المؤسف والسيئ للغاية، لأن البنى التحتية للقطاع الصحي غير جاهزة لاستقبال المرضى إذ لا وجود لغرف عناية فائقة حتى الآن، وآلة فحص الـPCR لا تعمل حالياً بسبب عدم تجهيز المكان لإنجاز الفحوص، كما أن مصلحة الترصّد الوبائي مجرد اسم بلا كادر بشري».