لا حاجة إلى مراجعة تقييم «إدارة الكوارث» بالنسبة إلى الالتزام بالحجر المنزلي في لبنان خلال الأيام الراهنة. التمرّد على إجراءات التعبئة العامة بات واضحاً منذ أيام، وهو يسبق حتماً تظاهرات، أمس، وإن كان قد بلغ ذروته مع تفاقم التحركات الاحتجاجية وتنظيم تجمعات متفرقة.فشل السلطة أولاً في إدارة ملف المُساعدات المالية وعجزها عن دعم العائلات الأكثر فقراً بما يمكّنها من المكوث في بيوتها انعكس تفلّتاً في بعض المناطق التي لا يملك أهلها «ترف» الحجر وانتظار المعونات، قبل أن تدفع الأوضاع الاقتصادية والأزمة النقدية المُقيمين والمحتجّين نحو الانتحار وتفضيل الإصابة بالفيروس على البقاء في المنازل.
إلى ذلك، ثمة فئة أخرى استسهلت استئناف الحياة «الطبيعية»، مُستمدة من أرقام الإصابات المحدودة التي تُسجّل منذ نحو أسبوع، طمأنينة «طائشة». إذ غاب عن هؤلاء أن «الأرقام الإيجابية» ــــ حتى الآن ــــ لا يُمكن البناء عليها والقول إن الخطر زال لأنّ لبنان لم يتخطَّ مرحلة الخطر، على ما أعلنت مُمثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي قبل يومين، ناصحة باستمرار إجراءات التعبئة لمدة أسبوعين، فيما قال وزير الصحة العامة حمد حسن «إننا حريصون على عدم التعرّض لموجة ثانية من الوباء».
ولعلّ الأرقام التي وردت في تقرير مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، ليلاً، بشأن تسجيل أربع إصابات تعود لأقرباء المُصابة في مخيم الجليل، فضلاً عن تسجيل ثلاث إصابات أخرى، تعطي فكرة حول حساسية الوضع القائم، وخصوصاً لجهة وضع المخيمات وتجمعات النازحين.
الانطلاق من هذا «السرد» يُعدّ ضرورياً للإشارة إلى أن التفلّت من إجراءات الحجر، سواء عبر التظاهرات والتجمعات أو من أجل مطاردة الرغيف، يأتي في وقتٍ دقيق يتطلّب مزيداً من الحذر مهما بشّرت النتائج الظاهرية الأولية بالخير. وبالتالي، فإنّ المعنيين في السلطة مُطالبون بسحب ذرائع التمرّد تجنّباً لسيناريو أزمة صحية تزيد الوضع كارثية.
وبالعودة إلى أرقام أمس، فقد أعلنت وزارة الصحة ظهراً تسجيل ست إصابات فقط من أصل 1357 خضعوا للفحص، فيما ارتفع عدّاد حالات الشفاء إلى 140، بعد تسجيل عشر حالات شفاء خلال 24 ساعة، فيما بقي رقم الوفيات متوقفاً عن 22. بالمحصّلة، توقّف العداد ظهراً عند 688 إصابة إجمالية، فيما بلغ عدد المُصابين الفعليين 526.
وتشمل نتائج الفحوصات الإجمالية التي أعلنت عنها الوزارة ظهراً جزءاً من نتائج العينات العشوائية التي جمعت خلال الجولتين الميدانيتين (الجولة الثانية التي شملت وادي خالد/ عكار، طرابلس المدينة، صيدا المدينة وحارة صيدا، سير الضنية، صور وقراها والجولة الثالثة في جزين وبنت جبيل وبعلبك والبترون)، فيما استكملت أمس جولتها الرابعة باتجاه جبيل، حيث أجري 155 فحصاً، وعاليه (225)، والبقاع الغربي (255)، ومرجعيون (309)، والشوف (293)، وزحلة (182)، أي ما مجموعه 1419 فحصاً.
وليلاً، أعلن مُستشفى رفيق الحريري الحكومي تسجيل 7 إصابات من بين 380 خضعوا للفحص، أربع منها تعود لأقرباء المصابة في مخيم الجليل، ليُصبح مجموع إصابات أمس 13 من بين 1737 فحصاً. وهو على أي حال نتيجة «طبيعية» لتزايد عدد الفحوصات.
وصحيح أن الوزارة تسعى من خلال الجولات الميدانية إلى استكشاف مسار الوباء في المناطق لاتخاذ القرارات المناسبة، إلا أن هدفها يتطلّب على صعيد متصل إجراء فحوصات اكتساب المناعة في المناطق (فحوصات الـ antibodies السريعة التي تكشف اكتساب الشخص المناعة بسبب تعرضه للفيروس، من دون أن يكون مدركاً أساساً بسبب عدم ظهور العوارض عليه). وهو طرح كان وارداً لدى الوزارة، «لكنه مؤجل الى حين الانتهاء من مرحلة الفحوصات المخبرية pcr»، وفق ما قالت مصادرها لـ«الأخبار».
في هذا الوقت، ستتضاعف المسؤوليات الملقاة على عاتق الوزارة في الأيام المُقبلة مع اقتراب تحدّي وصول الدفعة الثانية من المغتربين اللبنانيين. إذ ستحطّ أولى رحلات الإجلاء في الثامن والعشرين من الجاري، على أن تكون آخر رحلة في الثامن من أيار المُقبل، وفق الجدول النهائي الذي أعلنت عنه شركة طيران الشرق الأوسط، أمس.
فحوصات لعيّنة عشوائيّة شملت 1419 شخصاً من عاليه والبقاع الغربي ومرجعيون والشوف وزحلة


إلى ذلك، أطلق حمد أمس المرحلة الثانية من خطة وزارة الصحة لتجهيز المُستشفيات الحكومية التي تشمل مستشفيات: زحلة، تنورين، ضهر الباشق، صيدا، قانا، راشيا، خربة قنافار وجزين، «وبات في كل من هذه المُستشفيات أقسام مجهزة لاستقبال حالات مُصابة أو مُشتبه في إصابتها بكورونا، على أن يتم إطلاق المرحلة الثالثة من خطة التجهيز الأُسبوع المُقبل».
وفي ظل تزايد الحديث عن الفتح التدريجي للمحالّ والمصالح التجارية، يبدو أن الحكومة بدأت تدرس هذا الخيار بعدما وضعت جداول تقييم لمدى خطورة فتح كل محل لما لهذه الخطوة من تداعيات حساسة.