على قدمٍ وساق، يجري الإعداد للجولة الثانية من طائرات العودة. انتهى العمل بكثير من الجداول التي تحوي أسماء العائدين من البلدان المشمولة بالدفعة الثانية، ومواعيد الرحلات التي تبدأ في السابع والعشرين من الجاري. لكن، في زحمة ذلك الإعداد، ثمة «رعايا» لم تشملهم جداول الإجلاء الجديدة. ويأتي هذا التجاهل للمرة الثانية، بعدما سقطوا من جداول لوائح الإجلاء الأولى مطلع الشهر الجاري. من بين هؤلاء طلاب لبنانيون يتابعون دراستهم في إيران وعائلات مقيمة هناك، يبلغ عدد الراغبين منهم في العودة إلى لبنان حوالى 160 شخصاً.اليوم، ينتظر هؤلاء من دون طائل، إذ إن اللوائح الجديدة لم تشمل إيران كواحدة من البلدان التي ستجلي منها الدولة اللبنانية رعاياها. حتى هذه اللحظات، هؤلاء مستثنون من العودة، ولم يتّخذ أي قرار بشأنهم، رغم أن الطلاب اللبنانيين هناك قاموا بما طلبته الدولة، إذ تواصلوا مع السفارة اللبنانية في طهران، وملأوا الاستمارات الخاصة بالعودة، من دون أن يتلقوا جواباً. وتوضح مصادر دبلوماسية أن «أي خبر لم يأت من وزارة الخارجية والمغتربين، رغم أن السفارة اللبنانية في طهران تواصلت مراراً مع الوزارة». وقد حاولت السفارة اللبنانية العمل على مساعدة الراغبين في العودة، إلا أن «الجهات الرسمية» لم تتجاوب.
مشكلة العالقين في إيران لا تشبه مشاكل عالقين آخرين سقطوا سهواً من حسابات جداول الدفعة الأولى أو أن عودتهم أرجئت الى الدفعة الثانية، بل هي مشكلة «سياسية» أكثر منها لوجستية. ولئن كانت الأسباب المعلنة لهذا التجاهل هي «العقوبات المفروضة على إيران، إذ لا تستطيع شركة طيران الشرق الأوسط تسيير رحلات إلى إيران»، إلا أن أحداً لم يطرح حلولاً حول كيفية التعاطي مع هذا الملف، في ظل «احتكار» شركة طيران الشرق الأوسط لرحلات الإجلاء. وبسبب هذه الحصرية، لا يبدو أن المجال مفتوح أمام بعض الاقتراحات، مثل تسهيل عودة هؤلاء على متن شركات طيران أخرى. وفي هذا الإطار، تلفت المصادر إلى أن وزارة الخارجية الإيرانية بعثت برسالة إلى الدولة اللبنانية عبر السفارة الإيرانية في بيروت تعرض فيها إجلاء اللبنانيين الراغبين في العودة إلى لبنان على متن خطوط الطيران الإيرانية، بحيث «تحمل طائرة اللبنانيين إلى بلادهم مع التكفل بإجراء فحوص الـPCR لهم في أحد المستشفيات المعتمدة في طهران قبل سفرهم، على أن تعود محملة بالرعايا الإيرانيين الموجودين في لبنان». غير أن هذا الطرح لم يلقَ صدى وجواباً.
لا جواب على عرض إيراني بإرسال طائرة تحمل اللبنانيين وتعود بالإيرانيين


مصادر في وزارة الخارجية والمغتربين ردّت على سؤال لـ«الأخبار» بشأن هذا الأمر بأن «لا شيء نهائياً في ملف العائدين، وأن الجداول التي سرّبت هي مجرّد مسوّدات وليست صادرة عن جهة رسمية إلى الآن، ولذلك لا يمكن حسم الأمور».
في ظل هذا الواقع الضبابي، تحاول السفارة في طهران تيسير ما تستطيعه من أمور اللبنانيين هناك. في ما يخص العودة، تحاول السفارة جاهدة تحصيل الجواب النهائي من وزارة الخارجية والمغتربين قبل فوات الأوان، وإن كانت ضمناً تعرف بأن العودة ليست بهذه السهولة. أما على صعيد التحويلات المصرفية العالقة، والتي يعاني منها غالبية المغتربين في بلاد اغترابهم، فقد أوجدت الأخيرة حلاً بديلاً يقضي بالتعامل مع إحدى الشركات، حيث يقوم أهالي الطلاب أو المقيمون في إيران بإعطائها الأموال بالعملة اللبنانية أو بالدولار، على أن تعطيها الشركة لهؤلاء بالعملة الإيرانية مباشرة. تبقى هذه الحلول مؤقتة، بانتظار جواب نهائي ليس حاضراً حتى هذه اللحظات.