كعادتها مع كلّ حدث أمني على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة، تحاول إسرائيل استغلال الحادث للعبث بمهمّة قوات الطوارئ الدولية ودورها في منطقة عملياتها جنوبي نهر الليطاني، وتوجيه التهديدات إلى الجيش اللبناني.فمنذ اللحظة الأولى لاكتشاف الثغر المستحدثة في الشريط الشائك على الحدود الجنوبية، في عيترون وميس الجبل وقرب مستعمرة «المطلّة»، سارعت إسرائيل إلى ممارسة الضغوط على القوات الدولية، لفتح تحقيق ومعرفة كيفية حدوث ذلك، على الرغم من الدوريات والمراقبة المكثّفة التي تقوم بها اليونيفيل على الحدود. وعلمت «الأخبار» أن قادة جيش الاحتلال حملّوا قائد القوات الدولية الجنرال الإيطالي ستيفانو ديل كول رسائل تهديد إلى الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية، محمّلين الأخيرة مسؤولية ما يعتبرونه «أحداثاً خطيرة على الحدود»، ومطالبين بضرورة إجراء تحقيق عاجل لكشف ما حصل.
وهذه المحاولات السياسية بالضغط على الدولة والقوة الدولية، هدفها ترجيح كفّة مصلحة الاحتلال في مفاعيل القرار الدولي 1701، بحيث تمارس الضغوط بعدّة قنوات، لا سيّما عبر الأميركيين، لـدفعهما إلى «لجم» المقاومة عن القيام بأي خطوة. لكن في المقابل، تستمر إسرائيل في خروقاتها اليومية، البحرية والبرية والجوية، للأراضي والأجواء والمياه اللبنانية كالمعتاد، وتقوم بالاعتداءات في قلب بيروت، كما حصل في حيّ معوّض بهجوم المسيّرات أو الهجوم على سيارة للمقاومة على الحدود اللبنانية - السورية.
ويدفع العدوّ في كلّ مرّة باتجاه تغيير قواعد عمل القوات الدولية بالأمر الواقع، ودفعها نحو التحقق من الأماكن والممتلكات الخاصة، التي يستثنيها القرار 1701 ويتطلب دخول القوات الدولية إليها إذناً قضائياً. ويتذرع الاحتلال بأن هذه المساحات هي أماكن انطلاق «الخروقات»، ويصوّب على المناطق الحرجية التي تهتم برعايتها جمعية «أخضر بلا حدود» في جنوبي الليطاني.
تيننتي: العمل تركّز منذ اللحظة الأولى على منع التصعيد بين الجانبين


ومما لا شكّ فيه أن فيروس كورونا أعاق عمل دوريات القوات الدولية في داخل القرى الجنوبية، بفعل الإجراءات المتّخذة في البلدات وإغلاق بعض الطرقات، وإجراءات التباعد الاجتماعي التي اتخذتها القوات الدولية والحدّ من تنقّلات مندوبيها في داخل القرى ولقاءاتهم مع الفعاليات والأهالي. لكن ذلك لم ينعكس على عمل الدوريات على الحدود، التي تستمر في نشاطها ولم تتأثر. ولا تزال قضيّة الاتهامات التي تعرّضت لها القوات النيبالية ضمن عديد القوات الدولية في جزيرة هاييتي، بنقل وباء الكوليرا إلى الجزيرة المنكوبة من زلزال مدمّر في عام 2010 أثناء مشاركتهم في أعمال الإغاثة، ماثلة أمام المسؤولين في المنظمة الدولية. ويخشى هؤلاء من تكرار حادثة من هذا النوع، خصوصاً بعد حالة النفور التي تعامل بها سكّان هاييتي مع القوات الدولية وقيام عدد من الجهات الأهلية والحكومية بتقديم دعاوى دولية ضدها. ولأجل ذلك، أصدر الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غويتيرش قراراً أوقف فيه حركة المبادلات في عديد الجنود الدوليين حول العالم حتى 30 حزيران المقبل، إلّا في حالات استثنائية وأمام مطالب الدول المبرّرة، وتخضع تلك الحالات أيضاً لشروط، منها عزل الجنود الجدد لمدّة أسبوعين قبل اختلاطهم بزملائهم أو بالمجتمعات المضيفة.
من جهته، يقول الناطق باسم القوات الدولية أندريا تيننتي لـ«الأخبار»، إن «اليونيفيل لحظة كشفها للقنابل المضيئة التي أطلقها الجيش الإسرائيلي تحرّكت على الفور لمعرفة ما يحصل وإجراء التحقيقات». وتابع أن «عمل قوات الطوارئ الدولية مستمر في الجنوب، والوضع هادئ، وكل العمل تركّز منذ اللحظة الأولى على منع التصعيد بين الجانبين».