لم تُخف إسرائيل قلقها من عملية «فتح الثغرات» في السياج الحدودي مع فلسطين المحتلة، وبحثت عن الرسالة الكامنة فيها: هل تهدف إلى ردع إسرائيل عن خرق قواعد الاشتباك في الساحتين السورية واللبنانية، أم أنها تشير إلى تغيير المعادلة من جانب حزب الله: القواعد التي يسري على الساحة اللبنانية تنطبق على الساحة السورية؟احتلت هذه الأسئلة صدارة الاهتمام على طاولة التقدير والقرار في تل أبيب، وإن لم تتمظهر مباشرة على لسان المسؤولين. لكن ما سكتت عنه تل أبيب الرسمية، تكفل الإعلام العبري والمصادر بتظهيره.
مصادر عسكرية إسرائيلية (صحيفة معاريف) سعت إلى طمأنة المستوطنين بأن حزب الله لم يخطط للتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية، بل أراد إمرار رسالة تحذير، «رغم أن الجيش الإسرائيلي ينظر بخطورة إلى الوصول إلى السياج وتخريبه في أكثر من مكان».
صحيفة «يديعوت أحرونوت» أعادت الإسرائيليين إلى عام 2006، لتبحث في محاذير الأعمال الابتدائية والردود المتبادلة، في ظل حاكمية الردع المتبادل: «من يردع من؟ إسرائيل تردع حزب الله أم الحزب يردع اسرائيل؟ هذا السؤال الذي يخيم في الأجواء منذ حرب لبنان الثانية، ازداد حدة في الأيام الأخيرة، إذ إن كل طرف على اقتناع بأنه هو الرادع، لكن على الأرض، يتصرف بحذر مبالغ فيه كي يتجنّب أي خطوة من شأنها دفع الطرف الثاني إلى ردّ يؤدي إلى حريق». وبحسب الصحيفة، أراد «حزب الله نقل رسالة بأنه لن يسكت عن مهاجمة الآلية (على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية) وتعريض حياة عناصره للخطر، فقرر الإضرار بالسياج من دون أن يجتازه».
قناة «كان» أشارت إلى أن «الطرفين أخرجا بطاقة صفراء: إسرائيل لتقول إننا نعلم ماذا تفعلون على الحدود السورية اللبنانية، وحزب الله قال إننا نعرف كيف نهاجمكم». أما صحيفة «هآرتس» فكشفت مساراً كانت تُعدّ له إسرائيل ضد حزب الله، على خلفية تطورات في الفترة الأخيرة. ونقلت عن مصادر عسكرية أن «الجيش الإسرائيلي يرى فرصة متاحة للعمل أكثر، من جراء اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني على أيدي الاميركيين، الأمر الذي أدى إلى تشويش القدرة الايرانية على خطوات طموحة في الشمال، في حين أن فيروس كورونا زاد التشويش على الطموح الإيراني وحزب الله، ومن هنا ينبع القرار بمواصلة الدوس على دواسة البنزين، كجزء من المعركة بين الحروب». واضافت: «قرر حزب الله هذه المرة الرد لإمرار رسالة: عندما تستهدف إسرائيل سيارة للحزب قريباً من الأراضي اللبنانية، فهي خطوة لن يسكت عنها. ولإسرائيل وحزب الله تاريخ طويل من تبادل الرسائل».
معلّق الشؤون العسكرية في القناة الـ13، ألون بن دافيد، أشار إلى جانب آخر من الأسئلة التي تقلق الجيش الاسرائيلي، وترتبط بالخشية من إمكان تغيير قواعد الاشتباك، ليس من قبل إسرائيل هذه المرة، بل من قبل حزب الله نفسه: «هي حادثة خطيرة جداً أن يصل حزب الله الى ثلاث نقاط على الحدود ويقص السياج. في الواقع يرسل حزب الله إشارة إلى إسرائيل مفادها أنه مقابل كل عملية على الأراضي السورية سيبادر إلى الرد. الرسالة قاسية جداً من ناحية إسرائيل، وهو ما سينعكس (سلباً) على جهود الجيش الإسرائيلي في مواجهة حزب الله في سوريا ولبنان».