الطبقة المخصّصة للمصابين بفيروس كورونا والمشتبه في إصابتهم، في مستشفى بيروت الحكومي، تكاد تختنق. «طوابير» تنتظر إجراء الفحوص، وأخرى بانتظار إعلان النتائج، قبل مرحلة «الحسم». الضغط يتجاوز الإمكانيات في مختبرات المستشفى الذي يحارب وحيداً، في ظل بطء مختبرات المستشفيات الجامعية الأخرى التي أقرّتها وزارة الصحة العامة مؤخراً.صحيح أن مختبراً جامعياً آخر انضم إلى اللائحة، وهو مختبر مستشفى المعونات، وأخرى تقدمت بطلباتها (هيكل، سرحال، حمود، الجعيتاوي...)، إلا أن ازدياد الحالات المشتبه في إصابتها يقتضي توسيع اللائحة، ضمن الشروط الآمنة، والالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية. وقد دفع ذلك أصحاب المختبرات الخاصة الى «المساعدة» في إجراء الفحوص الخاصة بالفيروس. وتحول الأمر، أخيراً، إلى تجارة رائجة لجأت إليها مختبرات أرسلت رسائل نصية تفيد بأنه «يوجد لدينا فحص للكورونا»، ووصل الأمر إلى حدود إجراء الفحوص وإرسالها «دليفري»، بتسعيرة تراوح بين 200 و250 ألف ليرة، بحسب أحد المتابعين لهذا الملف. ويوضح هؤلاء أن بعض المختبرات لجأ إلى «شراء معدات لإجراء فحوص فيروس كورونا PCR، وبدأ الترويج للـoption الجديد لديه». وهو الـ«option» الذي يدرّ اليوم أموالاً كثيرة يوفرها الهلع، علماً بأن عدداً منها مخالف لجهة عدم تبليغ برنامج الترصد الوبائي في الوزارة بنتائج الفحوص، إضافة إلى تجاهل تعبئة الاستمارات الخاصة بكل حالة مشتبه فيها. ويؤكد أحد العاملين في المجال الصحي أن هذه المختبرات بدأت تنشط أخيراً، ما دفع جهاز أمن الدولة إلى إقفال بعضها بسبب مخالفته وعدم استيفائه للشروط.
وفي هذا الإطار، اجتمعت نقابة أصحاب المختبرات الطبية، أمس، بوزير الصحة حمد حسن للتداول في آلية الفحص، وفي آلية إشراك المختبرات الخاصة في الفحوص المخبرية الخاصة بـ«كورونا» بعد استيفائها الشروط. وتم التوافق على تأليف لجنة من 11 اختصاصياً لدرس طلبات المختبرات والموافقة على تلك المستوفية للشروط ومراقبة إجرائها لفحص الحمض النووي على الإفرازات التنفسية. وحتى يوم أمس، كان عدد طلبات المختبرات الخاصة التي تقدّمت لهذه الغاية سبعة، بحسب مصادر وزارة الصحة.
هي لجنة أخرى تنضم إلى اللجان التي ألّفتها الوزارة في مواجهة فيروس «كورونا»، وقد بدأت، رسمياً، عملها منذ أمس. ولئن كانت المهمة الأساس للجنة درس طلبات المختبرات المؤهلة في أسرع وقت ممكن، لتوسيع نطاق أمكنة إجراء الفحوص الخاصة المعترف بها، إلا أن ثمة مهمة أخرى عليها القيام بها، وهي مراقبة عمل تلك المختبرات وضبط المخالف منها. مواجهة هذه «التجارة» هي جزء من عمل اللجنة. وهي مهمة «غير سهلة»، على ما تقول مصادر الوزارة. أما المهمة الأخرى المتعلقة بدراسة طلبات المختبرات فلا تقلّ أهمية، إذ تتطلب سرعة في اتخاذ القرارات التي يجب أن لا تخطئ. وفي هذا الإطار، تشير نقيبة أصحاب المختبرات الطبية الخاصة، الدكتورة ميرنا جرمانوس، إلى أن هناك حتى الآن 5 مختبرات خاصة تقدّمت بطلباتها. وفي هذا السياق، تفصّل جرمانوس الشروط التي يجب على المختبرات استيفاؤها قبل الاعتراف بـ«شرعية» فحوصاتها، وهي تتعلّق بمواصفات مبنى المختبر، إذ «يجب أن تكون هناك غرفة استقبال للمشتبه في إصابتهم منفصلة عن الغرف الأخرى المخصصة للفحوص العادية، وضرورة تجهيز الطاقم الطبي المخصص للكشف على المشتبه في إصابتهم، بدءاً من تزويدهم بالبدلات الواقية والكمامات وصولاً إلى تدريبهم على كيفية إجراء الفحوص، من سحب العيّنة إلى فحصها، وغيرها من الأمور الضرورية». كما تشمل الإجراءات توفير آلية للتخلص من رواسب الفحص، «من كيفية تعقيم الموقع حيث أجريت الفحوص والمختبر، الى كيفية وضع العينة التي يفترض أن تكون في 3 أكياس وبالتعقيم بالأدوية بين كيس وآخر»، فضلاً عن «آلية سحب العينة extraction وآلية إجراء الفحص».
أوقفت وزارة الصحة إدخال واستخدام الكواشف السريعة خوفاً من التساهل بقرار العزل المنزلي

وإلى ذلك، يجب أن يكون المختبر مرخّصاً ومجهّزاً بجهاز فحص PCR وبالكواشف المخبرية المخصصة له، مع الأخذ في الاعتبار «كيفية دخول المشتبه في إصابته وخروجه، كما أنه يفترض أن يكون طريق من ثبتت حالته الإيجابية غير الطريق التي يسلكها من لم تثبت إصابته». أما بالنسبة إلى التسعيرة، فقد حدّدها الوزير بـ150 ألف ليرة. الإجراءات «صارمة جداً»، وهي بحسب جرمانوس «فرض واجب في مثل هذه الظروف، لأن المشكلة لا تكمن في الفحص، غير الصعب، بل بفرضية انتشار المرض بسبب ضعف الإجراءات، ما يصعّب السيطرة على تفشّي الفيروس».
وثمة هدف آخر من «التشريع»، وهو معرفة مسار المرض. وهذا يتطلب شفافية من المختبرات التي يجب عليها إبلاغ مركز الترصد الوبائي بالحالات التي أجريت لها الفحوص، الإيجابي منها والسلبي، لتقييم مسار تفشّي المرض. وقد حذّر الوزير المختبرات من «مغبّة التساهل في ذلك، ومن أن أي مختبر لا يصرّح عن الحالات الإيجابية سيعاقب بسحب رخصته.
إلى ذلك، تنحصر الفحوص حتى الآن بأجهزة الـPCR، بحسب ما تؤكد وزارة الصحة. ولهذا السبب، أوقفت مؤخراً شحنة كشوفات سريعة، لمصلحة إحدى الشركات، بانتظار التوافق على آلية لاستخدامها، وهي كشوف «يسهل استخدامها وتشبه فحص الحمل». ويأتي هذا الإجراء لسببين، أوّلهما «الحدّ من سوء استعمالها، ما قد يؤدي إلى التساهل في العزل المنزلي وعدم الالتزام بالإرشادات الصحية». والثاني، والأهم، هو الإفراط في استخدام الكواشف، في وقت «نواجه فيه نقصاً عالمياً على هذا الصعيد، ونحن اليوم بأمس الحاجة إليها»، تقول جرمانوس. من هنا، التوجّه لدى الوزارة أن «كل من يشكو من عوارض الإصابة عليه أن يقصد المختبر المرخّص له، لإجراء كشف، على ان يقيّم الطبيب إذا ما كان يحتاج إلى الفحص أو لا».