في 19 شباط الماضي، أجرى فريق من «B of A Securities» (كانت معروفة باسم «بنك أوف أميركا - ميريل لينش» وتُعد ذراع الخدمات المصرفية الاستثمارية لـ«بنك أميركا»)، اجتماعاً عن بعد مع المحامي والشريك في مكتب «Pillsbury Winthrop Shaw Pittman LLP» البريطاني، جايمس كامبل، للاطلاع على «وجهة نظر قانونية حول تعقيدات إعادة هيكلة الديون اللبنانية للسندات الخارجية». كامبل أوضح أنه إذا كانت الدولة حاملة للسندات، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، فلا يحقّ لها المشاركة في التصويت الذي يتطلب موافقة 75% من حملة السندات على تغيير تاريخ تسديد الاستحقاقات أو إلغاء أو خفض قيمة السند أو تغيير عملته. هذه النسبة مطلوبة بحسب شروط العمل الجماعي على كل شريحة من السندات ولا تشمل كل السندات دفعة واحدة. كذلك هناك عنصر آخر «يستحق عناية خاصة»، هي أحكام «Pari Passu» أي التعامل مع المستثمرين بمساواة من دون تفضيل بينهم. لكن هل يُمكن الحجز على أصول الدولة أو مصرف لبنان؟ يستبعد كامبل ذلك، ولكنّه لا يستبعد أن يلجأ المدّعون إلى طلب حجز أصول مصرف لبنان التي لا تُستخدم في الوظيفة المركزية. في ما يأتي ترجمة لأبرز الأسئلة والأجوبة بين كامبل وثلاثة باحثين في «B of A Securities»:
حقوق التصويت

■ جاين براور: يملك المصرف المركزي سندات يوروبوندز بقيمة 5.7 مليارات دولار من أصل محفظة قيمتها 31 مليار دولار، أي ما يوازي 18% من السندات، فهل يملك «المركزي» حقّ التصويت في عملية إعادة هيكلة؟ هذه النقطة قد تكون حاسمة لموقف الحكومة التفاوضي. ولكن نعتقد أيضاً أنّ المصرف المركزي هو المالك الوحيد لسندات بقيمة 3 مليارات دولار، فإذا لم يكن لديه الحقّ بالتصويت في ما هو يملك إصداراً كاملاً، كيف ستنجح العملية؟ وهل يُمكن تبادل السندات مع جهة أخرى؟
ــ جايمس كامبل: السندات التي تشتريها الدولة أو لحسابها، لا يحق لحاملها التصويت في اجتماعات حاملي السندات في أي إصدار. ما يعني أنّ مصرف لبنان لا يستطيع التصويت. ولكن في بعض الحالات، لا نجد هوية واضحة لحاملي السندات ما يدفع نحو الاعتقاد بأن من يحمل سندات المصرف المركزي هو فريق ثالث.
وفي حال كان المصرف المركزي هو المالك الوحيد لإصدار واحد؟ فرغم أنّه أمر غير شائع، إلا أنّه سيتمكن من الدخول في عملية إعادة هيكلة الدين، من دون أن يُلزم بموقف طرف آخر.

■ جاين براور: بالنسبة إلى المعاملة التفضيلية المتعلقة بكل شريحة لوحدها في إطار قانون نيويورك، فإن المصارف المحلية هي المالك الأكبر للسندات بنسبة 44%. فما هي المشاكل التي تتوقّعها في حال قُدّم لحملة السندات المحلييّن خطة أفضل من المُستثمرين الأجانب؟ وهل يمكن تقديم حزمات لأصحاب السندات المحليّة مختلفة عما سيُقدم لحملة السندات الأجانب من الإصدار نفسه؟
ــ جايمس كامبل: هناك أمران؛ أولاً تفضيل الحكومة للمصارف المحلية، وثانياً أن المصارف المحلية أكثر تقبّلاً للضغوط وهذا ما شهدناه في اليونان. لكن يوجد احتمال نظري بإعادة هيكلة الدين طوعياً، عبر دعوة المستثمرين للمشاركة في عملية تبادل (Swap) من دون حسم. لذلك، ورغم أن المصارف المحلية تحمل النسبة الأكبر من السندات، يُمكن نظرياً تقديم عرض للمصارف المحلية وآخر للأجنبية، أو قائمة من العروض المختلفة، يتم الاختيار منها، لا يُلغي ذلك حقّ باقي حملة السندات المُطالبة بالمساواة مع «المحلية»، وتطبيق الـPari Passu.

■ جاين براور: ما هو مبدأ «الموافقة على الخروج» (Exit consents)؟ وكيف يُستخدم لتشجيع المستثمرين على إجراء مبادلات؟ وكيف يُمكن ضمان أن لا يُعرقل مُستثمر يحمل 30% من السندات الاتفاق؟ هل ستُشارك المصارف المحلية، وهل على الحكومة أن تُقدّم لها المساعدة بكل الأحوال؟ في حالة لبنان، ما هي الـExit consents التي يُنصح بها وتُشجّع المستثمرين الأجانب على المشاركة؟ وكيف سيؤثر ذلك على إعادة هيكلة الدين؟
ــ جايمس كامبل: «الموافقة على الخروج» هي اتفاقية تُتيح لمجموعة من الدائنين استبدال سندات سيادية يحملونها بأخرى جديدة وتغيير الشروط غير المالية للسندات بطريقة تُفقدها قيمتها الفعلية، ما يُحفّز المعارضين لها على القبول بإعادة الهيكلة.

■ جاين براور: مقابل السندات التي سيتم التخلّف عن دفعها، ما هو وضع السندات التي سيستمر لبنان في تسديدها؟ هل يوجد داعٍ لطلب المستثمرين التسريع في الدفع إذا لم يتم التخلف عن تسديد أي دفعة من إصدار ما؟ في حال طلب المستثمرون الأجانب، حملة الـ25% من السندات التسريع، هل يُمكن للمستثمرين المحليين الذين يحملون 50% منها طلب الإبطاء؟ وكيف يُمكن عندها اعتبار التعثّر «علاجاً»؟
ــ جايمس كامبل: علينا أن نُراقب مفاعيل التخلّف عن الدفع في حال أرادت الحكومة عدم دفع بعض السندات والاستمرار في خدمة سندات تدخل في نطاق المديونية الخارجية العامة.
إذا كانت خدمة السندات مؤمّنة (دفع الفوائد)، فلا توجد إيجابيات في طلب الدائنين التسريع إلا في حالة وجود «مقايضة الائتمان الافتراضي - CDS» (إذا تمّ التوقف عن سداد السندات، يدفع البائع القيمة الاسمية للسندات إلى المشتري، وينقل الأخير ملكيّتها إلى الأول).
بالنسبة إلى الشق الثاني من السؤال، نعم يُمكن لحاملي أكثر من 50٪ من السندات إبطاء عملية التسارع.

حصانة المصرف المركزي

■ جان ميشال صليبا: لدى المصرف المركزي احتياطات ذهب بقيمة 14 مليار دولار. فهل هذه الاحتياطات محميّة بموجب الحصانة السيادية؟ هل يُمكن للمستثمرين حجز أملاك المصرف في الخارج، وخصوصاً أن موازنته متداخلة مع الحكومة اللبنانية؟ وما هي أملاك الدولة التي من الممكن أن يتم الحجز عليها، مثلاً شركة طيران الشرق الأوسط المملوكة بنسبة 99.5% من «المركزي»؟
ــ جايمس كامبل: قانون «الحصانة السيادية» في الولايات المتحدة يُقدّم حماية خاصة للمصارف المركزية من الحجز على أملاكها المُدرجة في حسابها الخاص. في لبنان، أنشطة الحكومة والبنك المركزي متشابكة إلى درجة أن الأخير هو أداة للدولة. يمكن للمدّعي القول بأن الذهب لا يُستخدم في الوظيفة المصرفية المركزية ما يُعزّز احتمال حجزه، ولو أنّه من المستبعد أن ينجح ذلك. الأمر نفسه بالنسبة إلى أسهم شركة طيران الشرق الأوسط، التي ليست جزءاً من الوظيفة المصرفية المركزية. المسار القضائي غير واضح تماماً حول هذه المشكلة بالذات، لكن نفترض أن شركة الطيران ستستمر في الحصول على إيرادات مبيع التذاكر.
وإذا كان لدى البنك المركزي أصول في بلدان أخرى، فقد تكون أكثر عرضة للحجز من قبل الدائنين من الذهب الموجود في الولايات المتحدة.

■ أندرو ماكفارلين: ماذا يعني التعثّر للسندات حتى تلك التي لم يتمّ تعديل شروطها؟
ــ جايمس كامبل: لسنا متأكدين إن كان استخدام «شروط العمل الجماعي» يُعتبر فعلياً إعادة هيكلة للدين كجزء من التعثّر. آليات ذلك ليست واضحة تماماً، ولكن إذا كان البنك المركزي يصوّت على سند، وتم تعديله، مع صدور قرار يؤذي حاملي السندات، وأجبرهم على إعادة الهيكلة، هناك احتمال أن نعتبر ذلك من ضمن الأحداث التي تُشير إلى التخلف عن السداد. من وجهة نظري، الخلل بهذه النظرية أنّ قرار إعادة هيكلة السندات ليس من قبل الجمهورية، بل من ضمن «شروط العمل الجماعي» الذي يتعامل مع الجمهورية بصفتها دائنة.