قبل نحو 10 أشهر، باشرت غالبية فروع شركة تحويل الأموال بتطبيق التعميم الرقم 514 الصادر عن حاكم مصرف لبنان (14 كانون الثاني الماضي)، الذي يقضي بإلزام المؤسسات غير المصرفية التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الإلكترونية «تسديد قيمة التحاويل النقدية الإلكترونية الواردة إليها من الخارج بالليرة اللبنانية حصراً».مذّاك، وجميع المُقيمين في لبنان «محرومون» من الحصول على التحويلات التي تصل إليهم من الخارج، سواء من أقاربهم أم من مصادر عملهم وغيرها، إلا بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف الرسمي المحدّد من المصرف المركزي. لكن المُفارقة أنه في ظلّ الأزمة النقدية المُستعرة حالياً، بات زبائن هذه الشركات - التي يُقدّم بعضها، مثل OMT، أكثر من 100 خدمة مالية وحكومية - مجبرين على تسديد فواتيرهم بالدولار على أساس سعر الصرف «المُتأرجح» في السوق، والذي يفوق قيمة سعر الصرف الرسمي بنسبة تجاوزت في بعض الأحيان 30%، في حين يحصلون على التحويلات على أساس سعر الصرف الرسمي، ما يُكبّد الزبائن تبعات الفرق بين السعرين.
بحسب مصادر مُطّلعة، فإنّ فروع هذه الشركات عمدت إلى «خلق سوق تصريف سوداء خاصة لتحويل أموال الزبائن من الليرة إلى الدولار، وفق استنسابية فادحة تحكم آلية التحويلات وتنفيذ الخدمات المالية».
دفع ذلك إدارة شركة OMT، في 26 تشرين الثاني الفائت، إلى إصدار تعميم قضى بـ«تذكير الوكلاء بأن OMT تقوم بتحصيل الدفعات والمُستحقات بحسب المبلغ والعملة المحدّدين لكل خدمة من قبل المؤسسات والشركات التابعة للقطاعين العام والخاص»، وأنّ قرار اختيار العملة لا يعود الى الشركة «الملزمة بالعملة المحدّدة بحسب الخدمة»، مشدداً على أن OMT لا تقوم بأي عملية صرافة من أي نوع. لكن المصادر نفسها تؤكد أنّ عدداً من أصحاب الفروع لا يُطبّقون التعميم ويلجأون إلى تصريف العملة بأنفسهم، خصوصاً في المناطق، «بسبب إلحاح الزبائن وحاجتهم إلى الحصول على الدولار لتسديد استحقاقاتهم بالدولار من جهة، واستغلال أصحاب الفروع الظرف لتحقيق أرباح من جهة أخرى».
من يقبض على دولارات التحويلات الخارجية الوافدة عبر الشركات غير المصرفية؟


وعزّز تعميم مصرف لبنان نفسه حاجة الزبائن للحصول على الدولار. إذ فيما يهدف التعميم إلى «القبض» على الدولارات الوافدة إلى لبنان، يُساهم في الوقت نفسه في حرمان المُقيمين منها، خصوصاً من كانوا يعتمدون على التحويلات الخارجية لتسديد فواتيرهم المُدولرة أو لأغراض أخرى (كاعتماد البعض على التحويلات الخارجية من أقاربهم لتسديد رواتب العاملات الأجنبيات وتحويلها إلى ذوي هؤلاء). بمعنى آخر، ساهم التعميم في عملية شحّ الدولار من السوق، وخلق أزمة فعلية للمُقيمين، ويتسبّب حالياً بتكبيدهم دفع الفارق بين السعرين.
ماذا عن الزبائن الذين يتعاملون مع الشركات التي تُحدّد تسديد الفواتير بالليرة اللبنانية؟ تلفت المصادر إلى أن بعضها يتعامل بالليرة اللبنانية، لكنّ قيمة الفاتورة تكون محدّدة أحيانا بالدولار وتتم «معادلتها» بسعر صرف السوق.
هذه الوقائع تطرح تساؤلات حول «مصير» الدولارات التي يقبض عليها مصرف لبنان؟ فهل يستحوذ عليها جميعها؟ وهل تحصل الشركات غير المصرفية المعنية بالخدمات المالية على نسبة منها؟ ومن المسؤول عن تكبيد الزبائن تداعيات هذه الفوضى؟
«الأخبار» حاولت الاستفسار عن هذه النقاط من إدارة OMT، وقامت بمراسلة المعنيّين فيها إلا أنها لم تلقَ تجاوباً.