والاتهامات المباشرة التي وجّهتها البستاني عن تعرض الشركات لضغوط لثنيها عن المشاركة في المناقصة ليست أمراً عابراً. فالمناقصة التي أجرتها منشآت النفط قبل أيام لاستيراد المازوت الأخضر تعرّضت لسيناريو مشابه، إذ تكرّرت جلسة فضّ العروض أربع مرّات من دون أن تحضر إلا شركة واحدة، فيما كانت الشركات تتسابق في الفترة الماضية للمشاركة في مناقصة كهذه.
وقالت البستاني، في مؤتمر صحافي عقدته أمس بحضور المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس، بعد قرار تأجيل فضّ العروض، إن الشركات التي قدّمت عروضاً «تعرضّت للكثير من الضغوط خلال الـ48 ساعة الماضية»، متمنية عليها تقديم عروضها مجدداً بعد أسبوع. ما قصدته الوزيرة بالضغوط هو أن كارتل النفط اتخذ قراراً بعدم المشاركة في هذه المناقصة وأصحاب الشركات الكبرى يضغطون على كل الشركات من أجل عدم المشاركة في المناقصة وإفشالها حتى لا تتمكن الوزارة من كسر احتكار الكارتل وهيمنته على هذه السوق الأساسية وأخذ المستهلكين رهائن وإذلالهم من أجل عدم التنازل عن أي قرش من أرباحهم الطائلة. بكل بساطة، يلجأ كارتل النفط، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، عبر نقابة أصحاب المحطات، إلى الإضراب ووقف تسليم مادتي البنزين والمازوت أو تشجيع أصحاب المحطات على الإضراب بحجّة أن جعالتهم (حصتهم من سعر المحروقات) انخفضت.
فرضية عدم وجود خزانات للبنزين لدى المنشآت ليست دقيقة
وكانت منشآت النفط أطلقت مناقصة لشراء 150 ألف طن متري من مادة البنزين (150 مليون ليتر)، وهي المرّة الأولى التي تعمد المنشآت إلى التجارة بمادة البنزين، إذ إن عملياتها في السنوات الماضية كانت تقتصر على التجارة بمادة المازوت. وفور إطلاق المناقصة، بدأت الاتصالات من قبل كبار تجار النفط المتعارف أنهم يؤلفون ما يسمى «كارتل النفط» لممارسة ضغوط على الوزارة من أجل منع حصول هذه المناقصة، ولا سيما أن المنشآت لديها قدرة تخزينية توازي نصف ما يملك كل تجار النفط في لبنان. وقد سرت شائعات عن عدم قدرة المنشآت على تخزين البنزين لأنها تستعمل الخزانات لتخزين المازوت الأخضر، إلا أن مصادر معنية أوضحت أن كل الشركات المستوردة للنفط تستعمل خزاناتها لتخزين مادتي المازوت والبنزين، وأنها تستحصل على موافقة من الجمارك اللبنانية للانتقال من تخزين المازوت إلى البنزين بعد تنظيف الخزان، أو بالعكس، وبالتالي فما المانع من أن تقوم منشآت النفط بهذا الأمر، أم أن ما هو مسموح للشركات سيكون محرّماً على الدولة اللبنانية؟ وبحسب المصادر، فإن فرضية عدم وجود خزانات للبنزين لدى المنشآت ليست دقيقة أصلاً.