زملاءنا الأعزاء،كنا قد آلينا على أنفسنا منذ انتخاب النقابة (نقابة المعلمين في المدارس الخاصة) والفروع، وضع خلافاتنا جانباً ومد اليد للزملاء المنتخبين للعمل معاً على الملفات الشائكة المختصة بالمعلمين، ويشهد الله والنقيب أننا كنا يداً واحدة وفي الصفوف الأمامية في مواجهة جميع التحديات. ولكن حق ضميرنا والمعلمين علينا أن نضعهم في صورة ما يجري الآن والخطر المحدق بمستقبلنا، علّنا نتحرّك قبل فوات الأوان.
منذ حوالى السنة بدأنا التحذير من خطر الانهيار الاقتصادي وإمكانية تأثيره على صندوق التعويضات الذي، كما الكل يعلم، يحوي نحو 900 مليار ليرة لبنانية مودعة في أكبر ثلاثة مصارف لبنانية. وكما تعلمون أيضاً فإن البنك المركزي استدان من البنوك بفوائد مرتفعة وهو الآن لا يزال في مرحلة خدمة الدين. عندما اشتدت الأزمة طلبنا، كمجموعة نقابية، لقاءً مع الاقتصادي والوزير السابق الدكتور شربل نحاس بتاريخ ١١ شباط ٢٠١٩ للاستيضاح منه عن حقيقة ما يشاع وطلب رأيه في كيفية حماية أموال المعلمين التي ستؤول إليهم بعد تقاعدهم.
خلال اللقاء، شرح لنا د. نحاس ما يحصل وأكد لنا المؤكد: البلد في حالة إفلاس غير معلنة. وعندما اطلع على مخاوفنا بشأن الصندوق وبعد استيضاحات وبحث قام بها مع فريقه حول الوضع التنظيمي والقانوني لهذا الصندوق، أخبرنا خلال لقاءٍ ثانٍ أنه في حال التحرك سريعاً قد نستطيع إدارة الخسائر واحتواء المأساة القادمة، شرط حصول ذلك قبل الانهيار.
سارعنا إلى الاتصال بالنقيب لتحديد موعد لنا وللدكتور نحاس مع أعضاء النقابة، وبعد أخذ ورد من قِبلهم دام أسابيع عدة، وافق أربعة منهم على لقائنا بتاريخ ١٢ تموز ٢٠١٩. استمر اللقاء ثلاث ساعات، عرضنا خلالها مخاوفنا وشرح الدكتور نحاس نظرته للمشكلة وطريقة معالجتها قبل حصول الانهيار، وكان المطلوب تسليمه وفريق عمله ومجموعة نقابية ومحامين الملف. طلب المجتمعون وقتاً للتفكير ومراجعة الخبراء، كلٌّ ضمن مجموعته الحزبية التي أتت به للنقابة. وبعد حوالى عشرين يوماً، وإلحاحٍ من قِبلنا، حصلنا على الجواب: «الوضع ليس بالمأسوية التي صوّرها الدكتور نحاس وإن حصل الانهيار فسيطاول الجميع»!! قررنا أن من الأفضل، قبل التوجه إلى المعلمين ببيان مصارحة، مقابلة الأب بطرس عازار بصفته الأمين العام للمدارس الكاثوليكية ورئيس اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة. وبعد أخذٍ ورد، استطعنا مقابلته في مركز الأمانة العامة، حيث ضم اللقاء: الدكتور والوزير السابق شربل نحاس، المحامي الأستاذ موسى خوري بتاريخ ١٩ أيلول ٢٠١٩، وعن «نقابيات ونقابيون بلا قيود»، مها العرموني طوق. وانضم في أواخر اللقاء الأستاذ ليون كلزي نائب الأمين العام. وبعد شرح طويل من قِبلنا، واستيضاحات من قبل الأب عازار، طلب إعطاءه بعض الوقت لاستشارة أعضاء المجلس الذي سينعقد في اليوم نفسه، وحذّره الدكتور نحاس من الإطالة بالتحرك لأن الوضع لا يحتمل ذلك. ولكن الى الآن، ورغم مراجعتنا بالموضوع، لم نحصل على إجابة.
زملاءنا الأعزاء،
نحن بحالة انهيار مالي واقتصادي حاد سيستمر تصاعدياً، وللأسف سيكون الأول في تاريخ لبنان. مدخرات المعلمين في مهب الريح، ولكن قد يكون لا يزال هنالك أمل ضئيل بإمكانية حمايتها من السقوط المحتوم، على أن يتم التحرك سريعاً وإعطاء «خبزنا للخباز» وخاصة أنه لا يطلب شيئاً في المقابل!
كل «ذنبنا» أننا من «المعارضة» ولسنا من مجموعة الأحزاب المسيطرة على النقابة وعلى أعضائها. ونحن نقرّ ونعترف ونعتزّ بهذا «الذنب» لأننا مؤمنون بأن النقابات يجب ألا تكون تحت سيطرة الأحزاب. انظروا حولكم. ألا تتساءلون أين التحرك النقابي من كل ما يحصل؟ نحن في حالة ثورة، لكن لا الاتحاد العمالي، ولا أي نقابة أصدرت بيان تأييد للمطالب المحقة.
زملاءنا الأعزاء،
أردنا وضع كل ما سبق بتصرّفكم كي تعلموا أننا لم نستكن يوماً عن المطالبة بحقوقنا والمحافظة على مكتسباتنا، ونحن للأمانة، نحيّي شخص النقيب الذي أبدى كل تفهّم وتعاون، إنما للأسف لم يستطع إيصال الأمور إلى خواتيمها بسبب كل ما أسلفنا.
أيّتها المربيات وأيّها المربّون،
أنتم اليوم مطالبون بالوعي الوطني والوجودي الذي لطالما كنا، كأساتذة، من أكثر المبشرين والعاملين به.
المطلوب منا الضغط على النقابة لاتخاذ القرار بالسير بالخيار الوحيد المتاح لنا لحماية مدخراتنا قبل الانهيار التام الذي سيحصل لا محالة قريباً جداً. كما ندعوكم إلى تجديد بطاقاتكم والانتساب إلى النقابة بكثافة كي نسير على خطى نقابة المحامين التي نزع أغلبية أعضائها لباسهم الحزبي وصوّتوا لمن يمثلهم ويمثل طموحاتهم.
ونشهد أننا بلّغنا، بانتظار انتفاضة الوعي الأخيرة للنقابة وللأساتذة.

مها طوق
«نقابيات ونقابيون بلا قيود»