عمد عدد من المدارس الخاصة إلى مطالبة أهالي الطلاب بسداد القسط المدرسي الأول، رغم الظروف الاقتصادية القاهرة، وعدم انتظام الدراسة منذ نحو شهر.بعض أهالي التلامذة في «الليسيه فردان» لوّحوا بالامتناع عن الدفع بعد تسلمهم، أخيراً، إشعاراً باستحقاق القسط الأول، مستغربين تحديد مهلة قصيرة لاستيفائه، «كما لو أننا في وضع طبيعي، علماً بأنّ الأولاد ذهبوا أياماً معدودة إلى الصفوف منذ بداية الانتفاضة»، فيما «البلد بلا أفق اقتصادي، ومن معه مؤونة لليوم الأسود لن يدفعها للقسط ويترك عائلته من دون طعام». مصادر الأهالي سألت كيفية تأمين البعض ستة ملايين ليرة (قيمة القسط الأول لثلاثة أولاد للبعض) وسط إقفال المصارف، إذ إن الدفع يكون عادة في المصرف لا في المدرسة.
إدارة «الليسيه فردان»، من جهتها، أوضحت في اتصال مع «الأخبار» أمس أنها أرجأت أساساً إرسال إشعارات باستحقاق القسط الأول بسبب الظروف الحالية، إذ إن الإشعارات تُرسل عادة بين 15 و30 تشرين الأول، وأكّدت استعدادها لتمديد المهلة إذا بقيت الأوضاع على هذا النحو، متمنية على «المقتدرين الدفع في المدرسة لمساعدتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المعلمين والموظفين».
ووفق القانون، يحدد موعد استيفاء القسط الأول، وفق المادة 20 من المرسوم 4564 /1981 بالنظام المالي المدرج في النظام الداخلي لكل مدرسة على حدة، والذي يقبل به ولي الأمر بمجرد تسجيل ابنه في المدرسة. كما تنص المادة 5 من القانون 1996/515 على أن القسط الأول يستوفى على ثلاث دفعات على الأقل، على أن لا يتجاوز 30% من قسط السنة السابقة، كدفعة على الحساب قبل إقرار الموازنة التى ترفعها المدرسة إلى وزارة التربية في 31 كانون الثاني من السنة الدراسية الحالية، علماً بأن بعض المدارس يفرض غرامات على القسط إذا لم يدفع الأهل بعد توجيه الإنذارات.
يُقرّ الأهالي بأنّ المدارس لا تخالف القانون الذي يفرض عليها إرسال إشعار لاستيفاء مستحقاتها، إلاّ أنهم في ظل الظروف الحالية يتوقّعون تدابير «إنسانية» و«أخلاقية»، مثل تمديد مهلة الدفع أو تقسيط المبلغ المستحق عليهم، ريثما تنجلي الأوضاع، استناداً إلى مبدأ العدالة، ولكون الأزمة تطال إيرادات الجميع.
الإحجام عن دفع الأقساط يؤدي إلى خفض رواتب المعلمين أو تأخيرها


لكن ثمة من يحذّر من الإحجام الكلي عن الدفع، لكون واردات المدرسة مشروطة في المبدأ بدفع الأقساط، وقد تتذرّع إدارات المدارس بذلك لخفض رواتب المعلمين والموظفين أو الامتناع عن دفعها تماماً. المحامي والناشط المدني الشريف سليمان، شدّد على أنّ الأوضاع الراهنة يجب أن لا تدفع الأهل الى مقاطعة سداد الأقساط، لكون هذا الأمر سيؤدي حكماً إلى حجب الرواتب عن المعلمين، وبالتالي ينبغي على الأهالي محاورة إدارات المدارس عبر لجان الأهل للتوافق على صيغ معينة، شرط ضمان دفع رواتب المعلمين أو 75 في المئة منها في الحد الأدنى.
في المقابل، تتمسك إدارات المدارس بالقوانين وأصول المحاسبة المتصلة بمواعيد دفع الفواتير ربطاً بالتزاماتها المادية. وتشير مصادرها إلى أنها «لن تكون في كل الأحوال سيفاً على رقاب الأهالي». بعضها، مثل جمعية المقاصد، استحدث مكتباً لتحصيل الأقساط في المدارس التابعة له عوضاً عن المصرف. وأوضح مسؤول شؤون الأمانة العامة في الجمعية، رغيد مكاوي، «أننا نطلب من الأهل التعاون، كأن يدفعوا 500 ألف ليرة أو مليوناً من ثلاثة ملايين ليرة مثلاً، كي نفي بالتزاماتنا تجاه معلمينا، علماً بأننا قبل الأزمة دفعنا المتأخرات علينا وبقي شهر واحد، في حين أنّ 65% من الأهل لم يسددوا حتى الآن القسط الأول لهذا العام، والذي نستوفيه حتى 15 تشرين الأول».