يُذكر أنّ «لجنة العفو العام والإصلاح» في بعلبك كانت، قبل أيّام، شدّدت على أهمية تنفيذ هذا القانون، وذلك «لآثاره على النسيج المجتمعي اللبناني عموماً، والبقاعي خصوصاً، وهو يعني انخراط كثير من المواطنين في السلك المجتمعي والوطني ويصوب كثيراً من المغالطات التي كانت تحدث في السابق... سيضمد جراح عوائل عديدة ويشفي صدور الكثير من الأمهات».
أما في ما يتعلّق بـ«ملف الإسلاميين» المذكور، فأيضاً لم يخلص النقاش في التفاصيل، أمس، إلى نتائج نهائيّة. يجري النقاش لإيجاد تحديد دقيق لمعنى «المشاركة» في عمل إرهابي، وكذلك في تحديد معنى «التدخل». أهالي هؤلاء السجناء كانوا عقدوا مؤتمراً صحافيّاً، الشهر الماضي، طالبوا فيه بالعمل على إقرار العفو العام، وذلك «حتى يُرفع الظلم عن شباب أهل السنة ولفتح صفحة جديدة لمصالحة مجتمعيّة حقيقيّة». طبعاً لا يوجد في النصوص القانونية شيء بعنوان الإسلاميين، إذا تُوضع الأفعال تحت عنوان «الجنايات والجنح على حياة الإنسان وسلامته» (قانون العقوبات)، إضافة إلى قانون صادر عام 1958 يتناول جرائم العصابات المسلحة.
لم يتطرق مشروع القانون إلى العفو عن العملاء الذين فرّوا إلى فلسطين بعد التحرير
اللافت أن مسوّدة مشروع قانون العفو، التي تُناقش حالياً، لم تتضمن موادها أيّ إشارة إلى العفو عن العملاء الذين ذهبوا إلى إسرائيل بعد التحرير عام 2000 (ميليشيا لحد). ما جرى هو أنّه، بحسب المادّة الرابعة مِن القانون، أستثنيت الجرائم المتعلقة بقانون مقاطعة إسرائيل مِن العفو، وذلك إلى جانب استثناءات أخرى لن يشملها العفو، ومنها: الجرائم المحالة على المجلس العدلي، جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، الجرائم المتعلقة بالآثار، جرائم الاعتداء على الأموال والأملاك العموميّة أو الخصوصيّة والمشاعات، قانون الجمارك، قانون البناء، قانون احتكار التبغ والتنباك، قانون حماية المستهلك، قانون معاقبة جريمة الاتجار بالبشر... وغيرها. هل ستثير مسألة عدم شمول القانون لقضية العملاء خلافاً؟ لا يبدو ذلك. مصدر حكومي يجزم أنّه «أبداً لا يُمكن البحث في هذا الأمر حالياً وفي ظلّ الظروف التي نمرّ بها».
يُذكر أن مشروع القانون يُعطي للنيابات العامة، على اختلاف اختصاصاتها، وخلافاً لقانون أصول المحاكمات الجزائيّة، جوازاً بالتنازل عن الدعوى العامة (قبل الحكم) في حال كان الجرم مشمولاً بالعفو، حتى ولو جرى تحريك الدعوى العامة. الغاية هنا تسهيل إسقاط الدعاوى العامة، وهي كثيرة ومكدسة لدى القضاء، وطبعاً هذا لا يشمل دعوى الحقّ الخاص (كذلك في سائر المواد). أمّا المادّة الأخيرة مِن المشروع، والتي ستكون مفيدة لعموم السجناء المحكومين، فتنص على الآتي: «تخفّض العقوبات في سائر الجرائم المرتكبة قبل نفاذ هذا القانون، الداخلة في اختصاص المحاكم العدلية أو العسكرية اللبنانية، والتي لم يشملها العفو، في حال إسقاط الحق الشخصي قبل أو بعد إصدار الحكم وفي حال عدم وجوده أصلاً، وذلك على الوجه الآتي: تُستبدل عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة لمدّة 25 سنة، وتُستبدل الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال الشاقة لمدّة 20 سنة، وأخيراً، وهذه الأهم نظراً لشمولها العدد الأكبر: تُخفّض العقوبات الجنائيّة والجنحيّة بمقدار النصف، على أن لا يشمل ذلك تخفيض الغرامات. هكذا، السُلطة تُحبّ الغرامات. السُلطة لا تتسامح في الغرامات... ولو كانت على وشك الانهيار.