قبل نحو ثلاث سنوات، استُشهد العريف في الجيش اللبناني، علي القاق، إثر إطلاق النار عليه في ريف دمشق، أثناء زيارته مقام السيدة زينب. لم يتم التعامل مع الجريمة كواحدة من العمليات الإرهابية التي شهدتها سوريا في السنوات الماضية، بل رُبطت بمقتل اللبناني هادي جعفر، عن طريق الخطأ، أثناء نصب الجيش كميناً لأحد المطلوبين في الهرمل.بعد ثلاث سنوات من الجريمة، أوقفت القوى الأمنية رجلاً اعترف بتنفيذها. المفاجأة كانت في ما ذكره عن دوافعه لقتل شخص لا يعرفه. فأمام المحققين، قال علي أ. (40 عاماً) إن قتل القاق كان مهر زواجه بإحدى قريبات هادي جعفر! كذلك وعده أهل زوجته بالسعي إلى منحه الجنسية اللبنانية!
وقال الموقوف إنه اتّفق مع أفراد من العائلة التي رصدت الشهيد أثناء توجهه لزيارة مرقد السيدة زينب في دمشق. أوصلوه إلى مكان الجريمة على متن سيارتين رباعيتي الدفع بعدما دخلوا سوريا من أحد المعابر غير الشرعية التي يُسيطر عليها أفراد من عشيرتهم. حدّد هدفه واقترب منه ليُطلق عدة عيارات نارية، ما أدى إلى استشهاده. هذه المعلومات وردت في محضر التحقيق مع المشتبه فيه الذي لعبت الصدفة دوراً في ربطه بجريمة قتل القاق. التحقيق الذي كانت تُجريه مفرزة الشرطة القضائية في الضاحية الجنوبية في جريمة شراء بضاعة مسروقة، أدى إلى الاشتباه في عدد من الأشخاص بجرم الاتجار بالأسلحة. استُدعي علي أ. إلى التحقيق معه بشبهة بيع السلاح، من دون إخطاره بسبب الاستدعاء. حضر المشتبه فيه طوعاً إلى المفرزة القضائية على متن سيارة كان قد ذكر أحد الموقوفين أنّها تُستخدم لنقل السلاح المهرّب من سوريا الى بلدة بلدة القصر (الهرمل) ثم إلى بيروت. وذُكِر أنّ بعض هذا السلاح مسروق من الجيش السوري. أثناء التوسع في التحقيق مع علي أ. جرى الكشف على هاتفه الخلوي. واستوقفت المحقق محادثة عبر تطبيق الواتس أب يطلب فيها المشتبه فيه من أحد الأشخاص التأكد من عدم وجود ملاحقات بحقه من قبل السلطات السورية. وقد تبين أن الاسم الذي أرسله للاستفسار عنه كان علي جغجوغه، بدل علي أ. الاسم المدون على بطاقة الهوية، ليكتشف المحققون أن بطاقة الهوية التي أبرزها مزوّرة، علماً بأنّ من كلفوه بالجريمة استحصلوا له على إفادة لشخص مكتوم القيد. ولدى التوسع في التحقيق، كشف عن اسمه الحقيقي، ليتبين أنّه ليس من أصحاب السوابق، لكنه يعمل في نقل الأسلحة لصالح أفراد من عشيرة زوجته. اعترف الموقوف بأنّه نفّذ جريمة قتل العريف القاق بطلب من أشخاص من عائلة هادي جعفر اصطحبوه على متن سيارتين وكلفوه بالتنفيذ، بعدما كان آخرون يتولّون عملية الرصد.
تجدر الإشارة إلى أنّ التحقيق نُقل من قوى الأمن الداخلي إلى عهدة مديرية المخابرات في الجيش، تحت إشراف القضاء المختص، لتتولى التوسع في التحقيق، بعدما جرى تحديد الأسماء المتورطة في عملية التحريض.