منذ توقيفه يوم 12 أيلول 2019، تبرأ «الجميع» من جزار معتقل الخيام، العميل عامر الفاخوري. لم يمنحه أحد ضمانات للعودة. لم يقل له مسؤول رسمي: «لا تقلق، ثمة مسؤول يتابع قضيتك. أنا أضمن لك ألّا يوقفك أحد». لم يتدخّل نافذون لتغطيته. لم يطلب أحد شطب اسمه عن البرقية 303. سقط اسمه «روتينياً». وصل الأمر ببعض المسؤولين إلى حد تأكيد أن الاسم سقط «سهواً»، وأن الأجهزة الأمنية، جميع الأجهزة الأمنية، لم تكن تعلم عنه شيئاً ذا قيمة. ما تقدّم يناقض تماماً سيرة الفاخوري، الذي كان واحداً من «مشاهير» العملاء، مثله مثل رياض العبد الله ونبيه أبو رافع وحسين عبد اللطيف العبد الله وجان الحمصي وعلم الدين بدوي وسلام الفاخوري وأحمد عبد الجليل شيت وأحمد حسين العبد الله (أحمد طنّوس) وفارس ورياض الحمرا وعيد مسلّم عيد وأحمد شبلي صالح والجلبوط وأبو برهان...القيادي السابق في التيار الوطني الحر، زياد عبس، قال في مقابلة مع قناة «الجديد»، أمس، إن عامر الفاخوري كان واحداً من 10 عملاء تم الاتفاق بين التيار الوطني الحر وحزب الله على تصنيفهم كمجرمي حرب، عندما كان الفريقان يبحثان مسألة الفارين إلى فلسطين المحتلة. وقال عبس إن الحزب والتيار استندا إلى ما في حوزة استخبارات الجيش من معلومات عن الفاخوري.

انقر على الصورة لتكبيرها

إضافة إلى ما كشفه عبس، علمت «الأخبار» أن المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، كان، منذ أكثر من عام، قد أصدر «قرار تقصّي» بحق الفاخوري، بعدما توفرت معلومات لدى المديرية عن إمكان عودته إلى لبنان، مستخدماً جواز سفر أميركيّاً. وفضلاً عن ذلك، حصلت «الأخبار» على وثيقة تعود إلى ما قبل عامين كاملين من توقيف الفاخوري (صادرة يوم 14/9/2017)، بعثت بها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى عدد من قطعاتها، وإلى باقي الأجهزة الأمنية، تتحدّث فيها عن توفر معلومات (بتاريخ 12/9/2017) عن نية الفاخوري العودة إلى لبنان. ووصفت الوثيقة الصادرة عن «المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ــــ هيئة الأركان ــــ شعبة الخدمة والعمليات»، الفاخوري بأنه «انتمى سابقاً لميليشيا العملاء وتولى حينها المسؤولية عن معتقل الخيام حيث كان يقوم بتعذيب المعتقلين»، وأنه «عام 2000 غادر إلى الأراضي المحتلة، ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية». وذكرت الوثيقة أن الفاخوري «يخطط للعودة إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي»، وأن ما يعزز تلك المعلومات «قيام أحد أبناء بلدته بترميم منزله الكائن في جديدة مرجعيون». وتم توجيه البرقية إلى كل من: مخابرات الجيش، الأمن العام، أمن الدولة، الجمارك، الشرطة القضائية، الدرك، أمن السفارات، شرطة بيروت وفرع المعلومات. وطلبت المديرية في برقيتها «الإفادة لدى توفّر أي معلومات إيجابية».
ما تقدّم لا يهدف إلى اتهام أحد، إذ لسنا جهة اتهام، ولا إلى الظن بأحد كمسهّل لعودة الفاخوري ومقدّم لضمانات له، رغم وجود ما يسمح بالظن بكثر. لكن هذه الوثيقة توجِب إجراء تحقيق (لم يُفتَح بعد) لتحديد مسهّلي عودة الفاخوري، ومعاقبتهم ومنعهم من تكرار ما جرى. وبغير التحقيق، سيبقى كثر في دائرة الاتهام، وسيلقي كثر أيضاً التهم جزافاً على مسؤولين في أجهزة ومؤسسات مختلفة. بعد هذه الوثيقة، لا يُمكن التذرّع بمعلومات ناقصة في ملف عامر الفاخوري.