يستعد المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا السويسري بيار كرينبول، لزيارة لبنان منتصف الأسبوع المقبل ولقاء المسؤولين اللبنانيين، في خضم خضوعه للتحقيق من قبل لجنة أممية بتهم فساد واستغلال السلطة (راجع «الأخبار»، السبت 13 تموز 2019، بعنوان: «لجنة تحقيق في «الأونروا»: الشيطنة الأميركية متواصلة»). وبدل أن تعمل الدول التي ستتأثر حتماً بأي خلل يصيب دور المنظمة الدولية، مثل لبنان والأردن، على تسريع الحلول وتفكيك الذرائع الأميركية الهادفة إلى تصفية المنظمة، عبر الضغط على كرينبول للاستقالة، لا يبدو أن أحداً من المسؤولين منذ أشهر في البلدين، يبذل جهداً حقيقياً لحلّ الأزمة، وسط تراجع عدد من الدول، الأوروبية تحديداً، عن دفع حصتها إلى صندوق دعم الوكالة بحجة التحقيق الحالي وشبهات الفساد.وبدل ذلك، من المتوقّع أن يلتقي كرينبول رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، في الوقت الذي خضع ويخضع فيه هذا الأسبوع لجلسات تحقيق مع لجنة التحقيق التي تعمل في عمان منذ أيام وتستمر حتى يوم الأحد المقبل في عملها. وتكمن خطورة التوقيت في أن التحقيق الذي يواجه فيه كرينبول تهم الفساد، سيكون جزءاً من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والذي سيكون مادةً دسمة مع بدء المناقشات في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الأونروا نهاية الشهر الحالي، والتي من المفترض أن يتمّ التجديد لمهمتها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وليس خافياً حجم الضغوط التي يمارسها الأميركيون على دول العالم، وتحديداً الدول التي تموّل الوكالة لوقف تمويلها، بحجّة الفساد فيها، فضلاً عن التسويق الإسرائيلي النشيط لضرورة إسقاط المنظمة من الحسابات الدولية، بوصفها الشاهد الأممي على نكبة اللجوء الفلسطيني في العالم، وفي لبنان والأردن تحديداً، كجزء من صفقة القرن المعلنة.
إلّا أن اللقاء الذي جمع وزير خارجية العدو إسرائيل كاتز ووزير الخارجية السويسري اغنازيو كاسيس في بيرن يوم أمس، وتصريحهما بأن إسرائيل وسويسرا تبحثان عن بدائل للأونروا، يقطع الشّك باليقين بأن بقاء كرينبول مع كل التهم، في منصبه، ما هو إلّا جزء من عملية تصفية المنظّمة، ولا سيّما أنه لا يزال يرتكب الانتهاكات، بينما كان بإمكان الحكومة السويسرية أن تطلب منه الاستقالة، حفاظاً على ماء الوجه.
يُنتظر من المسؤولين اللبنانيين مواقف حاسمة لجهة ضرورة ابتعاد كرينبول عن المشهد


وبدل أن ينكفئ كرينبول، وخصوصاً بعدما قدّمت مساعِدته الأميركية ساندرا ميتشيل استقالتها للأسباب ذاتها (راجع «الأخبار»، الاثنين 29 تموز 2019، بعنوان: «استقالة الموظفة الأميركية الأرفع في الأونروا»)، علمت «الأخبار» أن ميتشيل وزوجها لا يزالان يتلقّيان رواتبهما وهما خارج الأردن (في أوستراليا)، على الرغم من ذرائع تراجع التمويل التي يستخدمها كرينبول وغيره لقطع المساعدات عن الفلسطينيين وتقليص رواتب الموظفين. وهذا السلوك، ليس الأول من نوعه لكرينبول، الذي فعل الأمر نفسه مع الموظف حكم شهوان، الذي لا يزال يحصل على راتبه، بينما أبلغ المفوض العام غوتيريش بأنه فصل شهوان من عمله («الأخبار»، الخميس 8 آب 2019، «زوبعة «الفساد»: كرينبول كذب على غوتيريش!»).
وفيما لم تستطع «الأخبار» الحصول على تصريح أو موقف رسمي من الحكومة اللبنانية أو وزارة الخارجية، إلّا أن المهتمين بالشأن الفلسطيني ينتظرون من المسؤولين اللبنانيين مواقف حاسمة لجهة ضرورة ابتعاد كرينبول عن المشهد وعدم تحميله الوكالة وزر ممارساته، بما يجمّد الانهيار السريع الذي تعانيه في الأشهر الأخيرة، ولا سيّما بعد تراجع الدعم المالي الأوروبي بعد انقطاع الأميركي.