بذلك تتقدّم معادلة الحكومة في مقابل المجلس العدلي على أي مبادرة، بعدَ أن تحولت القضية الى تصفية حساب. ويُنتظر من القمة الروحية المسيحية - الإسلامية التي ستنعقد اليوم في دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت، بدعوة من شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، أن تطلق موقفاً عالي السقف من الازمة، لجهة المطالبة بحفظ السلم الأهلي وضرورة تفعيل العمل الحكومي.
من ناحيته، يستمر رئيس الحكومة في مساعيه بهدف تنظيم الخلاف، وهو المُستعجل لدعوة حكومته الى الانعقاد في أسرع وقت مُمكن. وفي هذا الإطار، هرع بعد عودته من الخارج، حيث كان في زيارة عائلية،إلى عقد لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، وخرج من دون الإدلاء بأي تصريح. إلا أن مصادر مقرّبة من رئيس المجلس أكدت أن «اللقاء يأتي في سياق البحث عن مخارج للأزمة، وانطلاقاً من حرص الحريري على عدم تعطيل مجلس الوزراء. لكن الأمور لم تنضَج بعد».
وفيما كثُر الكلام عن إمكان تقديم استقالته بسبب تكبيله بالشروط، تؤكّد مصادر الحريري أن «لا أساس من الصحة لأي كلام عن الاستقالة»، وذلك في مقابل حديث عن ضغط تمارسه القوات اللبنانية عليه، من أجل أن يكون حاسماً في خياراته، من باب أنّه «الأقوى»، ولا بديل له في موقع رئاسة الحكومة أو في زعامة طائفته. الهدف من كلّ ذلك وقف سيل «التنازلات» التي تعتبر «القوات» أنّ الحريري يُبالغ في تقديمها إلى التيار الوطني الحر وفريق 8 آذار السياسي. ولكن هل وصل الأمر إلى حدّ تقديم نصيحة قواتية للحريري باتخاذ مواقف صلبة، حتى ولو أدّى ذلك إلى استقالة الحكومة؟
القوات تضغط على الحريري لاتخاذ خيار حاسم
ليست القوات اللبنانية وحدها من يُحاول إقناع الحريري بأنّه «ليس ضعيفاً»، ولكنّ المشكلة أنّه «هو غير مُصدّق»، بحسب مصادر قريبة من معراب. ورئيس الحكومة ليس، حتى الساعة، في وارد تقديم استقالته، لعدم رغبته في خسارة امتيازات يُتيحها له موقعه. لذلك، واحد من الخيارات التي «نؤيد رئيس الحكومة بها، هي رمي الطابة في ملعب الفريق الثاني، ويبقى مداوماً في السراي الحكومي، لا مستقيلاً ولا معتكفاً»، كما تقول مصادر القوات اللبنانية، موضحةً أنّه «لم ننصح الحريري بأن يفرط التركيبة الوزارية، فقضية البساتين تستدعي حلاً هادئاً، لأنّ الأمر كاد يؤدي إلى فتنة». لا يُلغي ذلك أنّ «القوات» تعتبر «منطقياً وجوب أنّ يتخذ الحريري قرارات حازمة مهما كلّف الأمر، لأنّ البلد بحاجة إلى مواقف وليس مسايرات. والفريق الثاني، كلّما قدّم الحريري تنازلاً، يطلب تنازلاً جديداً».
من جهة أخرى، وبعد الاعتراض الذي سجّله وزير الخارجية جبران باسيل على فقرة وردت في المادة 80 من قانون موازنة 2019، وتتصل بحفظ حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، باعتبار أنها لا تراعي التوازن الطائفي، لا تزال الأنظار تتجه الى بعبدا بانتظار توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على قانون الموازنة من دون الطعن فيها أو ردّها الى البرلمان تفادياً لانعكاسات ذلك على تصنيف لبنان الذي سيصدر خلال أسابيع. ورغم أن الأجواء تشي بتوقيعها خلال أيام، إلا أن هذا البند لا يزال محل سجال، إذ لفت عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون إلى أنّ «هناك توجّهاً لأن يقابِل مسار الموازنة مسار آخر لمعالجة المادة 80 من الموازنة، التي هي جزء من مشكلة أكبر هي الخلل الطائفي في إدارات الدولة». وأوضح أنّ «الناجحين في مجلس الخدمة المدنية هم الضحية في هذا الإطار، ورئيس الجمهورية لديه نيّة في إعادة طرح الموضوع، كجزء من حوار وطني يجب أن يحصل حول الإشكالية بشكل عام».