يواصل العدو الإسرائيلي تمسّكه بالفصل بين مسار ترسيم الحدود البحرية ومسار ترسيم الحدود البرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. يعمل العدو، جاهداً، مع الأميركيين على المباشرة السريعة في بدء المفاوضات حول البحر، مع الامتناع عن ترسيم الحدود البرية، بخلاف ما يطالب به الجانب اللبناني.وفي تعليقه على وفرة التقارير في الإعلام العبري عن إمكان البدء بالتفاوض مع الجانب اللبناني، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس إنه «على ضوء المصلحة المشتركة بين الجانبين، يُعدّ الخلاف مع لبنان على الحدود البحرية بسيطاً نسبياً، وإن كانت المصلحة اللبنانية أكبر بكثير مما هي لدى إسرائيل».
كلام شطاينتس ورد في مقابلة مع الاذاعة العبرية أمس، أعرب خلالها عن الأمل بأن «يكون الجانبان على الطريق الصحيح لإيجاد حلول»، وإن شدد في المقابل على انه «لا يمكن التنبؤ إن كان لبنان سيتابع مسار التفاوض، أو يتراجع هذه المرة أيضاً». وأضاف أن «الخلاف يتعلق بمساحة صغيرة نسبياً لا تصل الى 2 في المئة من المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية، ولدينا مصلحة في حل هذا الخلاف وأن لا تتعرقل عملية البحث والتنقيب عن الغاز والنفط في هذه المنطقة. لكن من ناحية لبنان، فالمصلحة أكبر بأضعاف، لأنهم حتى الآن لم يبدأوا عمليات التنقيب، في حين اننا نستخرج الغاز فعلياً من الحقول الإسرائيلية».
في ردّه على سؤال، قال شطاينتس إنه لا يرى السلام مع لبنان قريباً، لكنه شدد على «إمكان التوصل إلى تسوية حول هذا الخلاف الاقتصادي، خاصة أن النزاع حوله يضرّ بالجانبين، وإن كان الضرر أكثر لدى الجانب اللبناني».
«الحرص» على المصلحة اللبنانية يخفي استعجالاً إسرائيلياً لمباشرة التنقيب فيها


ونوّه شطاينتس بالسعي الأميركي لإيجاد حل للخلاف البحري، معرباً عن الأمل بأن «تتمكن شركات الطاقة الدولية من الوصول الى هذه المنطقة المتنازع عليها، بعد أن ابتعدت عنها طويلاً».
وعن حجم المادة الغازية والنفطية في المنطقة موضوع التفاوض، قال شطاينتس إن «أحداً لا يمكنه التقدير، إذ لم تجر عمليات تنقيب في هذه المنطقة، لكن يمكن التأكيد أن كميات النفط والغاز الإسرائيلية في المنطقة التي لم تستكشف، هي أكبر بأضعاف مما اكتشف حتى الآن».
لكن هل تبعد التسوية الاقتصادية إمكان تصعيد أمني مستقبلي؟ أعرب شطاينتس عن الامل بمنع التصعيد، رغم تأكيده أن «إسرائيل تفصل بين الملفات. فهذا الخلاف موجود منذ 12 عاماً، وعلى لبنان أن يحسم أمره، وهذا ما يبدو الأمر عليه».
في كلام شطاينتس، المسؤول الأول في تل أبيب عن الملف الغازي والنفطي، إشارات تستأهل التوقف عندها:
- يتضح أن إسرائيل مصرّة على إبعاد الخلاف على الحدود البرية عن الحل التسووي والمساعي القائمة لبدء التفاوض مع الجانب اللبناني، وحصره في الخلاف البحري دون غيره، وهذه المرة على لسان شطاينتس مباشرة، من دون التستر وراء «المصدر الإسرائيلي الرفيع»، كما ورد في تقارير إعلامية في الأيام الماضية، في خطوة تهدف كما يبدو إلى إعطاء صدقية لمعظم ما ورد على لسان المصادر، ودفع الجانب الآخر، أي لبنان، إلى التعليق في مقابلها، رفضاً أو قبولا.
- يصرّ شطاينتس على ان المصلحة اللبنانية التي يمكن أن تتحقق في حال التفاوض، هي اكبر من المصلحة الإسرائيلية. وهذا «الحرص» على المصلحة اللبنانية يخفي استعجالاً إسرائيلياً على وضع اليد على جزء من هذه المنطقة لمباشرة التنقيب فيها، وكذلك في غيرها من حقول الغاز التي تحدها من الجانب الفلسطيني، والتي تمتنع الشركات المستثمرة عن الاقتراب منها، على خلفية الخشية الأمنية.
وربما على هذه الخلفية ايضاً، يرد في كلام الوزير الإسرائيلي تراجع عن التأكيد الذي ورد على لسان «المصادر الإسرائيلية الرفيعة»، بأن المنطقة البحرية موضوع التنازع تحوي كميات هائلة من النفط والغاز، إذ اشار شطاينتس إلى أنه لا يمكن معرفة ذلك الا بعد عمليات التنقيب الفعلية، علماً بأن الترجيح (بل وربما اليقين) بأن المصادر الرفيعة ليست سوى شطاينتس نفسه.