من الجيد التلاقي بين من تولى ادارة مؤسسات دستورية للبحث في ما بينهم، انطلاقاً من تجاربهم، في شؤون الواقع السياسي وشجونه. لكن قراءة موضوعية للبيان الصادر عن السادة رؤساء الحكومات السابقين، تستوجب ابداء بعض من الملاحظات.حول لبنان وجامعة الدولة العربية:
صحيح ان لبنان عضو مؤسس في الجامعة وملزم بالقرارات والمواقف التي تصدر بإجماع الدول الاعضاء، كما بإحترام التضامن في وجه اي اعتداء خارجي على اي دولة عربية. لكن الصحيح، ايضاً، انه في القمة المعنية، لم تكن كل الدول العربية ممثّلة، فضلاً عن تحفظ بعض المشاركين عن المواقف التي صدرت. كما أن الاجتماع انتهى باعلان موقف كلامي فقط تجاه افعال بعضها نفذ (التنصل من حق العودة، وقف الدعم عن الاونروا، القدس عاصمة اسرائيل، ضم الجولان السوري المحتل...)، وبعضها الاخر على طريق التنفيذ (الاقتصاد مقابل السلام)، وبالدعوة الى التضامن فقط في وجه سلوك ايران متناسياً اي دعوة للتضامن في وجه الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على فلسطين ولبنان وسوريا. فأي تضمن واي اجماع هو المقصود؟
حول لبنان وواقعه السياسي:
تطرق السادة رؤساء الحكومات السابقين الى امور عدة، نكتفي بملاحظات على بعضها.
- صحيح ان رئيس الحكومة هو من يتكلم دستورياً باسم الحكومة، لكن الصحيح، ايضاً، وبحسب المادة 64 من الدستور، ان «السياسة العامة للحكومة يضعها مجلس الوزراء». وعليه، الا يحق لممثل اي مكوّن سياسي التحفظ عن موقف لرئيس الحكومة اتى من خارج السياسة العامة الموضوعة؟
- يتوجب حتماً على ممثلي المكونات السياسية، حفاظاً على الدولة، احترام صيغة العيش المشترك ومبدأ قوة التوازن لا توازن القوة. لكن الواقع السياسي القائم منذ العام 2005، ان لم نقل منذ العام 1992، يؤكد معاناة المكوّن المسيحي من إهمال مبدأ توازن القوة واهمال مبدأ قوة التوازن. فهل المطالبة بوقف المعاناة واحترام مبدأ قوة التوازن يعتبر ممارسة مستهجنة تمسّ العيش المشترك؟
- يجب الاسراع لا التسرع في اقرار الموازنة العامة لاستعادة الثقة بالدولة. لكن فات السادة الاشارة الى مسألة قطع الحساب وكيفية اتمامه لكونه جزءاً لا يتجزأ من الموازنة.
وأخيراً،
ان الاتكال على رحابة صدر السادة رؤساء الحكومات السابقين، شجعت على ابداء بعضٍ من الملاحظات، مع الامل ان تأتي اللقاءات المستقبلية لما فيه خير للمصلحة الوطنية العليا.
* محامٍ.