إنطلقَت أمس أولى جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري في مكتبه بالسراي الحكومي، وفقَ الوتيرة التي كانَت متوقّعة. هدوء في النبرة، لم يعكّره سوى «تسلّل» الوزير القواتي كميل أبو سليمان إلى اللجنة التي لم يعيّنه مجلس الوزراء عضواً فيها، ومحاولة الرئيس سعد الحريري تحويل تقرير شركة «ماكنزي» إلى واحدة من «الثوابت الوطنية» التي يتم إيرادها في البيان الوزاري. في الأولى، فوجئ أعضاء اللجنة ورئيسها (رئيس الحكومة) بوصول أبو سليمان للمشاركة بالاجتماع، فاعترض الوزير سليم جريصاتي على هذا الأمر لأن «أعضاء اللجنة محددون بقرار من مجلس الوزراء»، فردّت عضو اللجنة الوزيرة مي شدياق بأن زميلها في كتلة القوات حضر «لمساعدتها في ملفات إقتصادية»، فأجاب جريصاتي بأن «كان عليها طلب ذلك خلال الجلسة الأولى للحكومة في بعبدا»، قبل أن يتدخّل الحريري ويتصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لحل هذه المعضلة، فتوافقا على مشاركة أبو سليمان في جلسات اللجنة. أما في الثانية، فتبيّن ان مسودة البيان التي قدّمها الحريري لاعضاء اللجنة، من أجل البناء عليها للاتفاق على البيان الذي سيقره مجلس الوزراء، تتضمّن تبنياً لتقرير شركة «ماكنزي» بشأن الاقتصاد اللبناني. وللتذكير، فإن الحكومة السابقة كلّفت الشركة المثيرة للجدل بإعداد دراسة لواقع الاقتصاد، واقتراح حلول لحل أزماته. وبعد اكثر من عام، أصدرت تقريراً وصفت فيه الواقع على طريقتها، واقترحت حلولاً لا تختلف عن «الوصفة الجاهزة» التي تقدّمها المؤسسات الدولية للاقتصادات المتعثّرة، والتي لا تؤدي عادة سوى إلى مزيد من الافقار ورهن الدول للمؤسسات الدائنة. وأبرز ما أتى في تقرير ماكنزي: الخصخصة، خفض أجور القطاع العام، رفع الدعم، النموّ بالدين، زيادة التخصّص بالهجرة وخدمة الاقتصاد الإقليمي! (راجع «الأخبار»، 5 كانون الثاني 2019). لكن غالبية الحاضرين رفضوا اقتراح الحريري، لأنهم لم يطلعوا على التقرير، ولم يناقشه مجلس الوزراء السابق. مصادر اللجنة أشارت إلى «إيجابية المداولات»، إذ «لم نشهد أي نية من أي وزير للعرقلة». ومع أن المناقشات لا تزال في بدايتها، فإن المزاج الذي عكسته الجلسة الأولى يشي بأن لا مفاجآت ستطرأ من شأنها أن تؤخّر إنجاز البيان الذي أكدت مصادر اللجنة أن «الإنتهاء منه سيكون خلال هذا الأسبوع». بحسب مداولات الجلسة فإن «الإهتمامات الفعلية تتركزّ على مرحلة ما بعد منح الحكومة الثقة والعمل على الملفات الداهمة، تحديداً في الشأن الإقتصادي والمالي».
قالت شدياق إنها تحتاج إلى حضور أبو سليمان لمساعدتها في القضايا الاقتصادية

على صعيد آخر، تزداد حدة الحرب الكلامية بين رئيس الحكومة ورئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط، عبر شاشات التلفزيون وموقع «تويتر». وقد بات واضحاً بأن تشكيل الحكومة، إضافة إلى نسفها جسور التواصل المباشر بين الحريري وجنبلاط، وضعت العلاقة أمام مفترق غير مسبوق. فقد أشار الحر يري في رد على جنبلاط من دون أن يسميه، الى أن «الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح هدفه انقاذ الدولة من الضياع واحالة حراس الهدر على التقاعد»! وأكد الحريري في تغريدة على «تويتر» أن «التغريد على التويتر لا يصنع سياسة، إنها ساعة تخلّي عن السياسة لمصلحة الإضطراب في الحسابات». وكان جنبلاط قد غرد قائلاً «لا يا صاحب الجلالة الدولة ليست ملكاً لكم أو لزميلكم وهي ليست دفتر شروط. أول بند في مشروع البيان الوزاري المقترح هو الاستثمار العام وخلاصته استدانة 17 مليار دولار»، مشيراً الى أنه «يكفي أن يتصدر هذا البند الأولويات كي يتبين الى أي هوة نحن سائرون»، مشدداً على أنه «لم يعد هناك الحد الأدنى من الحياء لجشعهم. أعماهم المال والحكم». ولاحقاً، حذف جنبلاط التغريدة. وكان رئيس «الاشتراكي» قد التقى في منزله في كليمنصو أمس، السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد، في حضور وزير الصناعة وائل أبو فاعور.
من جهة أخرى، وخلال محاضرة ألقاها في معهد العلوم السياسية في باريس، إعتبر وزير الخارجية جبران باسيل أن «من صالحنا إعادة العلاقات مع سوريا التي لا تزال تحتفظ بمقعدها في الأمم المتحدة، حتى لو كنّا قد خضنا معارك سابقة معها، لأنها الجار الوحيد للبنان».