ردت «اليونيفيل» على مطالبة إسرائيل إليها التصدي لحزب الله في الجنوب اللبناني، بل ونزع سلاحه، بصورة من شأنها أن تنعكس إخفاقاً لتل أبيب، في تفسيرها الموسع للقرار 1701، وتحميله ما لا يحمل. «اليونيفيل»، وعلى لسان الناطق باسمها، أندريا تيننتي، وعبر وسيلة إعلامية إسرائيلية، أكد أن التفويض الصادر عن مجلس الأمن لا يشمل «نزع أسلحة» في لبنان أو الدخول إلى الأملاك الخاصة للبنانيين، كما تطالب إسرائيل. شدد تيننتي، في حديث مع قناة «أي 24» الإسرائيلية، على أن «اليونيفيل» محدودة، وذلك نتيجة لنص التفويض الصادر عن مجلس الأمن الدولي، الذي لا يخولها القيام بما تطالب به إسرائيل في مواجهة حزب الله. وأضاف: «إن كنا قلقين نتيجة الانتهاكات الأخيرة (من دون تفصيل حولها)، إلا أننا منتشرون بشكل كبير جداً في الجنوب اللبناني، مع التأكيد على أننا نُسيّر ما يقرب من 450 دورية في اليوم الواحد، في الليل والنهار، ذلك أن كل القوة، المكونة من 10500 عسكري، موجودة بكاملها من ناحية عملانية على الأرض».إلى ذلك، وعلى نقيض من السردية الإسرائيلية في اتهام الجيش اللبناني بالامتناع عن التعاون مع القوة الدولية، وأنه يخفي ويغطي الحقائق والوقائع التي تشتكي منها إسرائيل، خلافاً للقرار 1701، أشاد المسؤول الأممي بالجيش اللبناني، وكذلك بالسلطات اللبنانية «التي دعمت مهمتنا والتزمت التزاماً كاملا بالقرار 1701». لفت تيننتي، في الحديث نفسه، إلى أنه «يجب العمل على توضيح هذه المسألة، فنحن كقوة يونيفيل، لا نملك التفويض بنزع سلاح ميليشيات. ليس لدينا التفويض في البحث داخل الممتلكات الخاصة. القوة التي لدينا إمكاناتها محدودة، وإذا كانت هناك إرادة من المجتمع الدولي لتغيير التفويض الحالي، إلى تفويض مختلف ومغاير، فيتعين العمل على إصدار قرار جديد من مجلس الأمن».
إذاً، كلام «اليونيفيل» واضح جداً، في الرد الذي يعد استثنائياً، وإن جاء بصورة غير مباشرة. في العادة، وطوال السنوات الماضية، كانت القوة الدولية تتلقى الاتهامات، بل «الإهانات» أيضاً، من دون رد منها أو تفسيرات، وذلك تماشياً مع سياسة الامتناع عن المساجلة مع إسرائيل، خصوصاً حيال المهمة والتفويض والمطالبات بوجوب المبادرة إلى المواجهة المباشرة مع المقاومة والعمل على تقييد نشاطها في لبنان.
ردّ الناطق باسم «اليونيفيل» على الاتهامات الإسرائيلية بأن لبنان التزم بالكامل القرار 1701

الرد التوضيحي الأخير غير قابل للتأويل، بأن التفويض لا يتضمن المهمة التي تريد إسرائيل إيكالها للقوة. ومع ذلك، كان بإمكان «المفسرين» تطويع القرار 1701، في حال كانت الظروف الميدانية والسياسية مغايرة لما هي عليه الآن، ليس للتماشي مع المطالبة الإسرائيلية وحسب، بل أيضاً ليزيد عليها في اتجاه تفسير يتطابق مع الفصل السابع، وبالتالي الفرض بالقوة المسلحة والمباشرة لكل ما ترغب به إسرائيل. في المقابل، لا إرادة ولا رغبة ولا إمكانية فعلية لدفع الأثمان لدى معظم الدول، إن لم يكن جميعها، المشاركة في عديد القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان، في حال قررت المواجهة بناء على التفسير الموسع والفضفاض للقرار 1701 (أي بما يرضي الرغبات الإسرائيلية). كلام المسؤول الأممي نقل الكرة إلى خارج ساحة القوة الدولية، وكذلك خارج التفسيرات المتباينة للقرار المختلف على تأويله، وذلك بالانزياح إلى حد ما باتجاه التفسير اللبناني، عل ذلك يؤدي إلى إخراجه من السجالات والاتهامات الإسرائيلية الدورية.
باختصار، القوة الدولية تقول لإسرائيل، عملياً، إن «دور الضحية» والاستكانة ومطالبة الآخرين بفعل ما هي عاجزة عن فعله، يستدعي صدور قرار تفويض آخر عن مجلس الأمن، على أن يكون مصحوباً بقبول مسبق لدى الدول المشاركة في تنفيذه... وإلا فإن الاتهامات، إلى جانب المطالبات غير المستندة إلى وقائع، لا تجدي نفعاً.