في نشرات الطقس، غالباً ما يُشار إلى «انقطاع طريق عمشكي بسبب الثلوج» عند هبوب أي عاصفة. وعمشكي الواقعة شرقيّ بعلبك، تلال جردية تبعد عن أسواق المدينة نحو ثمانية كيلومترات. وهي، نفسها، المنطقة التي تصرّ بلدية المدينة على إنشاء مبنى محافظة بعلبك ــــ الهرمل فيها، رغم اعتراضات فاعليات بعلبكية وعدد من هيئات المجتمع المدني.حجّة المؤيدين أن «مبنى المحافظة المُقترح يقع في الامتداد الطبيعي لبعلبك شرقاً»، فيما يجمع «الأوتوستراد الدائري المزمع إنشاؤه حول المدينة أوصالها ويربط أحياءها، بما يسهّل الوصول إلى كل الأمكنة، وبينها مكان المحافظة الجديد»، بحسب ما أكّد رئيس بلدية المدينة حسين اللقيس لـ«الأخبار». أما المعترضون، فيرون أن أصحاب المشروع «يبيعوننا سمكاً في الماء. فلا المدينة امتدّت شرقاً بعد، ولا الأوتوستراد الدائري وُضع موضع التنفيذ، والله وحده يعلم متى سيكون ذلك» بحسب ما تشدّد أوساطهم.
المعترضون رفعوا صوتهم أمس من مقر نقابة الصحافة في بيروت، في مؤتمر صحافي عقدته هيئات من المجتمع المدني البعلبكي، وأعلنوا تمسّكهم بـ«تنفيذ قرار مجلس الوزراء (رقم 34/2001) القاضي بإخلاء ثكنة غورو من المهجّرين، وتأهيلها لتكون مقرّاً للمحافظة بدلاً من الجرود». إذ لا يمكن إنشاء المبنى «في أعالي تلال منطقة عمشكي، على علوّ يناهز 1500 متر». رئيس بلدية بعلبك الأسبق غالب ياغي، أكّد أن «التحرّك غير مسيَّس، بل يخصّ كل أهالي بعلبك المتضرّرين من القرار، نظراً لصعوبة الوصول إلى المكان الذي يبعد نحو 20 دقيقة بالسيارة عن المدينة». فيما شرح المهندسان محمود الجمال وحسان قانصوه «خطأ» إنشاء مقرّ المحافظة في المكان المقترح عبر «تحميل الأهالي مشقّة تكبّد مصاريف إضافية بدل مواصلات» للوصول اليه. «التزام القرار الوزاري يعني وقف الهدر والإنفاق على الاستملاكات والتجهيزات»، بحسب بيان الهيئات الذي تلاه حسين الصلح. ولفت إلى أن «ثكنة غورو تحتاج إلى ترميم فقط، ما لا يقارن بالأعباء المترتّبة عن شراء العقارات وإنشاء المباني وشقّ الطرق ومدّها بالبنى التحتية لإنشاء المبنى الجديد».
اللقيس سأل في اتصال مع «الأخبار» عن «مدى تمثيل المعترضين لأهالي مدينة بعلبك»، وذكّر بـ«التأخير في تنفيذ قرار مجلس الوزراء بإخلاء ثكنة غورو منذ صدوره إلى الآن». ولفت إلى أن «محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، لن يوافق على إنشاء مبنى المحافظة في الثكنة، لكونها من ضمن الإرث الثقافي للمدينة».
في غضون ثلاثة أشهر، سيجري ــ وفق اللقيس ــ «نقل بلدية بعلبك إلى القصر البلدي الجاري ترميمه»، وبذلك «يتحوّل مبنى البلدية الحالي إلى دائرة نفوس المدينة». وهذه «النقلة»، برأيه، «تسهّل عمل المخاتير، وهم من المعترضين على اقتراح مكان المحافظة في التلال الشرقية». علماً أن تكبّد الوصول إلى تلال عمشكي لا يتعلق بالمخاتير فقط، ولا بالبعلبكيين حصراً، بل يطاول كل أهالي المحافظة المترامية الأطراف. فبعض هؤلاء يقيم على مسافة أكثر من 90 كيلومتراً عن بعلبك، وعليهم في حال نقل المحافظة إلى الموقع المقترح، تكبّد المزيد من الوقت والجهد والمال لإتمام معاملاتهم.