هل يمكن طرح حلول لمشكلة السكن عبر سياسات جديدة غير قائمة على القروض، وعبر الاستماع إلى هواجس السكان وإشراكهم في تصوّر شكل مدينتهم؟ هذا ما حاولت أن تجيب عليه مسابقة «فكّر إسكان» التي رعتها المؤسسة العامة للإسكان، بالتعاون مع «استوديو أشغال عامة» ونقابة المهندسين في بيروت وشركاء آخرين.على خمسة أحياء قديمة في بيروت، تبارى 27 اقتراحاً في التصميم الهندسي وتخطيط التنظيم الحضري ضمن مسابقة «تصوّرات بديلة للسكن في بيروت». عملت الاقتراحات على درس حالات في أحياء رأس بيروت والمصيطبة والطريق الجديدة والباشورة ومار مخايل، وأُعلنت نتائج المسابقة أمس، من مقرّ نقابة المهندسين في بيروت، بعدما ضمّت لجنة التحكيم خبراء في التنظيم المدني والعمارة إضافة إلى المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان روني لحود ونقيب المهندسين جاد تابت.
الجائزة الأولى ذهبت إلى مقترح بعنوان «بيئة إسكانية حافظة (مار مخايل /روم)»، أعدّته مجموعة محترفين من لبنان والأردن (رولا خوري فياض، كانديس نعيم، ليا حلو، فادي منصور، باتريك أبو خليل، علي أسعد). يشرح مصمّمو المشروع أنه «ينطلق من منطقة محدّدة في مار مخايل مع إمكانية تطبيقه في بقية المناطق»، ويهدف «إلى الحفاظ على الطبيعة والبيئة والحدّ من النمو العمراني غير المطلوب أو الموجّه لحاجات السكان». يريد المصمّمون «إشراك مالكي الأبنية القديمة في تجمّع تديره المؤسسة العامة للإسكان، حيث يقبلون باستيفاء إيجارات أقلّ من السوق، ليصبّ فرق الإيجار في دعم ترميم الأبنية وإعادة تأهيلها». الورشة التي يصبو إليها المصمّمون تتطلّب «نفض» الأبنية القديمة و«تعبئة الثغرات في الأبنية الفارغة»، بما يسمح بخلق وحدات سكنية بإيجارات مقبولة، والحفاظ على الأبنية الموجودة والحد من البناء الجديد الذي لا حاجة له في السوق. ووفق تخطيط المصمّمين «سيتمكّن المستأجرون القدامى من دفع إيجارات منخفضة، وفي الوقت نفسه السكن في شقق مؤهلة ولائقة».
إلى الجائزة الأولى، توزّعت الاقتراحات الفائزة على جوائز ثانية وثالثة وجوائز تقديرية، وكانت العناوين على الشكل التالي: «بنية تحتية اجتماعية للجميع - حالة المصيطبة»، «طريقة جديدة للسكن في طريق الجديدة»... و«تحفيز السكن الميسر في الباشورة».
ارتكزت التصفيات على تقييم مشاريع المقترحات لحل مشكلة السكن بحسب: الجدوى الاقتصادية، التنوّع والقدرة على تحمّل التكاليف، قابلية التطبيق في مناطق أخرى، ملاءمة أدوات التخطيط والآليات القانونية، مراعاة المحيط الحضري، وضوح الاقتراح واكتماله. من خلال التصميم الهندسي وخطط التنظيم الحضري حاولت الاقتراحات «وضع نماذج إسكان جديدة لتلبية حاجات سكان المدن»، وبالتحديد في بيروت وأحيائها القديمة التي تضمّ أبنية قديمة وتراثية ومستأجرين قدامى. تحويل الاقتراحات إلى بدائل عمليّة رهن «التحاق النواب والوزارات المعنيّة والمجلس الأعلى للتنظيم المدني وبلدية بيروت بالنقاش المفتوح»، وفق القيّمين على «استوديو أشغال عامة». وفي هذا الصدد يتّجه «الاستوديو» إلى «تنظيم جلسات حوار بين الفرق الفائزة والسكان المعنيّين للضغط من أجل تطبيق المقترحات».
يعتبر المنظّمون أن مبادرتهم والاقتراحات التي تقدّم بها طلاب أو محترفون في التصميم والعمارة تعيد إلى الواجهة «الحاجة الماسة إلى سياسة إسكان وطنية».