هل صحيح أن هناك خطّة لخصخصة أوجيرو؟ رئيس مجلس الإدارة - المدير العام للهيئة، عماد كريدية، يعزو هذا «الاعتقاد الخاطئ» إلى التراكمات السابقة. يقول إنه تسلّم مهماته في الهيئة، واصطدم بوجود أكثر من 7 آلاف أمر شغل نائمة في الأدراج منذ 2012، فاستعان بالمتعهدين... فُسِّر ذلك بأنه خصخصة. يُبشّر كريدية أيضاً بأن العقود مع وزارة الاتصالات وُقّعت بعد تأخير سنتين، كانت الهيئة تضطر فيها إلى الصرف من احتياطها ومن الحسابات المدورة. في مقابلة مع «الأخبار»، يذهب رئيس أوجيرو أبعد من الشبكة الثابتة، مشيراً إلى أن المعرفة والقدرة على إدارة شبكتي الخلوي متوافرة أيضاً.
تسرّبت معلومات عن وجود خطّة تقضي بأن تتنازل «أوجيرو» طوعاً أو كراهية عن جزء من أعمالها للقطاع الخاص، تمهيداً لإنهاء وجودها، وتبيّن أن هناك مراسلة من قبلكم لوزير الاتصالات قد تحمل تأكيداً لذلك؟
من يفكر أنني سأفرّط بأرزاق 3 آلاف عائلة في أوجيرو، فهو خاطئ. أي محاولة لفرض أمر من هذا النوع تدفعني إلى الاستقالة. في الواقع، ليس هناك أي طريق للخصخصة، إذا كانت ستطبّق، قبل تنظيم قطاع الاتصالات ضمن استراتيجية حكومية واضحة. التوجّه اليوم أن تستمر أوجيرو من خلال القانون 431 وإنشاء ليبان تيليكوم. أما الكلام عن تنازل أوجيرو عن جزء من أعمالها على أنه بداية مشروع الخصخصة، فليس صحيحاً. المراسلة المشار إليها، لها قصّة بدأت مع تسلّم مهماتي في أوجيرو، إذ تبيّن أن أكثر من 7 آلاف أمر شغل (تركيب وصيانة) مرمية في الأدراج، وبعضها يعود إلى 2012. إنجاز هذه الأعمال يتطلب سنتين في حدّ أدنى، فاقترحنا على وزير الاتصالات جمال الجراح، السماح لأوجيرو بالاستعانة بالخدمات الخارجية عبر متعهدين يعملون معها. وافق الوزير وأعطانا مهلة سنة واحدة. وعندما شارفت المهلة على الانتهاء قبل إنجاز الأعمال، طلبنا تجديدها. وافق الوزير بشرط أن يكون الأمر «عند الضرورة»، و«بعد التنسيق مع وزارة الاتصالات». فُهم هذا الأمر على أنه بداية مشروع الخصخصة، في وقت كان يطلب فيه من الهيئة القيام بأعمال تفوق قدرتها لتأهيل الشبكات في مناطق كبيرة مثل عكار والبقاع.
أكثر من ذلك، إنّ المرسوم الذي أعطى شركات القطاع الخاص حقّ الترابط والمرور على شبكات وزارة الاتصالات، ألزم هذه الشركات بتوقيع عقد صيانة مع «أوجيرو»، لذا لا يصحّ القول إنّ هناك تنازلاً عن الصيانة لأيٍّ من هذه الشركات. أصلاً لا يمكنني أن ألزّم أعمالاً تلتزمها أوجيرو من الوزارة.

هل هناك أي مسوّغ قانوني يتيح لأوجيرو أن تستعين على قضاء حوائجها بالخدمات الخارجية؟
يلحظ العقد الموقع مع الوزارة إمكان اللجوء إلى خدمات خارجية، إلا أنه يشترط أن تكون هناك أعمال ضرورية، وأن توافق وزارة الاتصالات. لكن التفسيرات التي ظهرت لهذه المراسلة لم تكن خاطئة فحسب، بل مجتزأة. ففي الحقيقة، «أوجيرو» لم تنفّذ الموافقة الأخيرة على الاستعانة بالخدمات الخارجية تفادياً للقيام بالأعمال نفسها مرتين بسبب التضارب مع مشروع توسيع الشبكات في المناطق والأحياء الجديدة الذي تنفذه وزارة الاتصالات عبر تلزيمات مباشرة منها.

لماذا يُلزَّم مشروع توسعة الشبكات عبر المتعهدين وليس عبر «أوجيرو»؟
ليس من صلاحية أوجيرو القيام بمشاريع توسعة الشبكات، إلا ضمن استثناءات. وزارة الاتصالات تنشئ الشبكات وتسلّمها لـ«أوجيرو» التي يكون على عاتقها مسؤولية التشغيل والصيانة، من ربط الزبون على الشبكة، إلى الفوترة، سواء على الهاتف الثابت أو الـ DSL. وقد توسّعت صلاحيات الهيئة أخيراً لتشمل الجباية.

بصرف النظر عن المراسلة المذكورة، أليست هناك مشاريع لخصخصة قطاع الاتصالات من ضمنها بيع «أوجيرو» بعد تحويلها إلى «ليبان تيليكوم»؟
ما هو مطروح اليوم يتعلق بتطبيق القانون 431 الذي ينصّ على ثلاثة أمور أساسية: تحديد سياسة الاتصالات، تفعيل دور الهيئة الناظمة للاتصالات، مأسسة أوجيرو ثم إنشاء ليبان تيليكوم. من أبرز ما ورد في هذا القانون أنه يمنح الدولة حق اختيار شريك استراتيجي في ليبان تيليكوم، إذا ارتأت الإدارة ذلك. هذا موضوع سابق لأوانه، إلا أننا نأمل تطبيق هذا القانون لأن وجود هيئة ناظمة للقطاع يلغي حالة الفوضى والارتباك الحالية، فضلاً عن أهمية تحديد استراتيجية واضحة للقطاع. أما إنشاء «ليبان تيليكوم» مع تحديد صلاحياتها بشكل واضح وصريح، فيتيح لنا التنافس بشكل متناسب مع القطاع الخاص. على سبيل المثال، إن أوجيرو تبيع بالمفرق والجملة في الوقت نفسه، أي إننا نسعّر للقطاع الخاص، ثم نتنافس معه بشكل غير متكافئ.

عندما صدرت مراسيم حق الترابط للقطاع الخاص التي تمنح الشركات حصّة من سوق الفايبر أوبتيك، اعتبر الأمر إضعافاً لأوجيرو وبداية لنهايتها؟
صار واضحاً لدى الشركات التي حصلت على مراسيم تتيح لها مدّ شبكات فايبر اوبتيك، أنّ من الأجدى والأرخص استعمال الشبكة العامة التي تشغّلها «أوجيرو»، بدلاً من إنفاق مبالغ كبيرة على شبكة جديدة. المرور عبر الشبكة العامة لن يكون مجانياً، بل سيدرّ إيرادات جديدة للوزارة استناداً إلى المراسيم التي تسمح لهم باستعمال الشبكة مقابل بدلات مالية. وفي المقابل، تسعى أوجيرو لخفض الأسعار، لكنها تواجه ضعف قدرتها التنافسية، نظراً لكون خفض السعر منوطاً بمجلس الوزراء. سابقاً، طلبنا السماح لنا بإصدار منتج (سلّة خدمات) يجمع بين الهاتف الثابت والداتا، فرفض مجلس الوزراء. من يهتم بأوجيرو، عليه أن يحرّرها ويرفع قدرتها التنافسية. حالياً هناك نحو 2500 زبون يستفيدون من خدمات الفايبر أوبتيك في لبنان، وحصّة أوجيرو، رغم أسعارها المرتفعة، تعادل أربعة أضعاف حصّة الشركات.

بدأ مشروع تمديد المرحلة الثانية من شبكة «الفايبر أوبتيك»، فهل تتوقعون أي نتائج سريعة؟
تنفيذ هذه المرحلة من مشروع «الفايبر أوبتيك» يعني أن شبكتنا ستصبح جديدة ما يخفف الكثير من أعباء الصيانة. الإحصاءات حتى تشرين الثاني تشير إلى أن هناك 22 ألف اتصال أو شكوى ترد يومياً إلى «أوجيرو»، ونسبة المعالجة تراوح بين 92% و95% من الأعطال، لكن فترة التصليح تمتد إلى 6 أيام كمعدل، رغم أن المعيار العالمي 36 ساعة. سبب هذا التأخير يعزى إلى وجود نقص في آليات العمل أو الموارد البشرية أو الأدوات المطلوبة، أو تقادم الشبكة الذي يؤدي إلى تكرار الأعطال نفسها.

كيف تقومون بكل هذه الأعمال في غياب أي عقد موقع مع وزارة الاتصالات، ولماذا لم يوقَّع العقد بعد؟
في العامين 2017 و2018 وقّع وزير الاتصالات على إحالة يطلب فيها من أوجيرو استمرار العمل بموجب العقد المنشأ في عام 2016، التزاماً بمبدأ استمرارية المرفق العام. أما التأخير في توقيع العقد، فيعود إلى رفض ديوان المحاسبة لمشروع العقد الذي عملنا عليه في أوجيرو، وأرسلناه إلى الوزارة، بحجة أن التكنولوجيا اختلفت وأن الأطر التي نريدها مختلفة عن العقد السابق. وبالتالي، فقد طلب الديوان الحصول على موافقة مجلس الوزراء.
حصة أوجيرو من الفايبر تعادل أربعة أضعاف حصة الشركات

ولذلك، انتظرنا إلى حين أصدر المجلس مرسوماً يقضي بتوسيع صلاحيات أوجيرو، حتى أعدنا رفع المشروع إلى الوزارة. كذلك أصررت على توقيع عقدين بدلاً من واحد: الأول مع مديرية الاستثمار والصيانة، والثاني مع مديرية الإنشاء والتجهيز، ويختص بالإنفاق الاستثماري. وبالفعل، وافق الديوان على العقد الثاني، وتبلّغنا منذ يومين أنه وافق على عقد الصيانة، ويفترض أن يُحال هذا الأسبوع من وزارة الاتصالات على أوجيرو.
وبالتوازي، ونظراً لكون السنة قد شارفت على الانتهاء، فقد حضّرنا عقد عام 2019، الذي ينص على الشروط نفسها. ويفترض أن هذين العقدين سيحميان العلاقة مع الوزارة.
وقبل ذلك، كنا نصرف من الأرصدة المدورة بالنسبة إلى الإنفاق الاستثماري ومن الاحتياط الموجود لدى الهيئة بالنسبة إلى الصيانة، بسبب عدم وجود العقد.

لدى هيئة أوجيرو القدرة على تشغيل وصيانة شبكات هوائية مشابهة لشبكات الخلوي. هل تعتقد أنه لدى هيئة أوجيرو القدرة على إدارة شبكات الخلوي إذا أنيطت بها هذه المهمة؟
في الواقع، لدينا شبكات هوائية في بعض المناطق هي بمثابة شبكة «GSM» صغيرة. أنشأنا هذه الشبكات بالاستناد إلى الحق الممنوح لنا من مجلس الوزراء باستعمال اللاسلكي في المناطق التي ليس فيها شبكات. قمنا بتحديث الشبكات الهوائية العتيقة جداً، لتصبح ملائمة لنقل الاتصالات والداتا أيضاً. أنا أستعمل التكنولوجيا التي بين يدينا، علماً بأنني على المستوى الشخص من مؤسّسي الهاتف الخلوي في سوريا والسودان، ويمكنني القول إن لدينا المعرفة الكافية لإدارة هذه الشبكات. إذا كان هناك من يريد أن يجرّبنا، فنحن جاهزون. الدولة بإمكانها أن تمنح عقد إدارة هذا القطاع لأي جهة ترتئي في وجودها مصلحة وطنية.


بطالة مقنّعة؟
تستمر الاعتراضات على إدخال أوجيرو مئات المياومين إلى صفوف عمالها قبيل الانتخابات، والتي يتردد أن 30 في المئة منهم عاطلون من العمل، فيما معظم من يعملون إنما وزعوا على مديريات إدارية خلافاً للحاجة.
يعترف رئيس أوجيرو، عماد كريدية، أن «كل الأطراف السياسية دقت بابي وطلبت خدمات والكل وضعوا علي ضغوطاً في مجال التوظيف، وبالفعل وظفنا نحو 650 شخصاً». لكنه يوضح أن هؤلاء أمنوا نسبة 75% إلى 80% من الاحتياجات الفعلية للمؤسسة (يؤكد كريدية أن المؤسسة بحاجة إلى 950 موظفاً إضافياً). وعلى رغم أن غالبية المياومين الجدد يفتقدون الخبرة اللازمة، إلا أن كريدية يجد أن تطوير الموارد البشرية في أوجيرو أمر في غاية الضرورة تماشياً مع وجود 29 مشروعاً جديداً تعمل الهيئة عليها. ويضيف: تحوّلنا اليوم إلى أكاديمية لتدريب الكفاءات الجديدة على التكنولوجيا الجديدة. ولا يمكن ضمان استمرارية أوجيرو من دون التأهيل الكافي.