التظاهرة التي دعا إليها الحزب الشيوعي اللبناني، الأحد المقبل (الساعة 11 قبل الظهر)، من أمام مصرف لبنان في الحمرا باتجاه ساحة رياض الصلح توضح، ربطاً بمكان انطلاقها، مقصد الحزب. فالخطر على الاستقرار اللبناني مصدره هذه المرة الظروف الاقتصادية والمالية.«إلى الشارع للإنقاذ... في مواجهة سياسة الانهيار»، هو الشعار الذي اختاره الحزب الشيوعي لتحرّك يوم الأحد، «التدريجي والمُتصاعد، الموجه إلى كلّ المتضررين لينزلوا ويُشاركوا، فتكون جهود التغيير أكبر. تغيير السياسات الاقتصادية - الاجتماعية. تغيير هذه الدولة، غير القادرة على القيام بالإصلاحات»، بحسب الأمين العام للحزب حنا غريب. أُعلن عن الدعوة خلال مؤتمرٍ صحافي، عُقد يوم الجمعة الماضي، تناول خلاله النقابي السابق أزمة الكهرباء، «أكبر دفرسوار لنهب الشعب اللبناني»، والعجوزات في الحسابات الخارجية، وأزمات نموذج الاقتصاد الريعي الذي «يلفظ أنفاسه الأخيرة»، والسياسات المُدمرة للدولة في كلّ القطاعات الأساسية. كلّ هذه الأمور، دفعت بـ«الشيوعي» إلى وضع دراسة عملية، تُشكل خطّة عمل، وتُحدّد الإجراءات الواجب تطبيقها، مدعومةً بتحرّك شعبي ضاغط، كون ما يطرحه الحزب لا يخصّ جماعة حزبية مُعينة أو فئة اجتماعية من دون غيرها. تدعو قيادة الوتوات إلى:
- إصدار قانون يضمن الحماية الفورية لاحتياط تعويضات نهاية الخدمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من خلال فرض «عملية تسنيد» لقيمة هذه التعويضات بما يوازيها بالدولار الأميركي على أساس سعر الصرف الراهن،
- التحرّك في المناطق وحول مقارّ الرئاسات الثلاث من أجل فرض جدول زمني لأعمال تلزيم وتنفيذ مشاريع معامل إنتاج الكهرباء وإصلاح شبكات نقل الطاقة الكهربائية،
- إصدار قانون يلزم الدولة بإجراء تصحيح للأجور في القطاعين العام والخاص، كلّما ارتفع معدل التضخم الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي عن نسبة 5%،
- ممارسة الضغط الشعبي من أجل التغطية الصحية الشاملة والمعالجة الفورية لملف استيراد وترخيص وتسعير الدواء،
- اعتماد الضريبة التصاعدية وإعادة النظر بالهندسات المالية الأخيرة، وذلك بهدف استعادة ما قدّمته الدولة (عبر مصرف لبنان) من دعم إلى هذه المصارف، أو لتحويل هذا الدعم إلى أسهم مملوكة من جانب الدولة،
- إعادة النظر في قانون السرية المصرفية الذي يشكّل أحد أبواب التهرب الضريبي.
يقول غريب لـ«الأخبار» إنّ الضمان الاجتماعي هو أحد علامات وحدة الشعوب، فحين يُصوّب عليه «تُستهدف وحدة البلد، والأمر نفسه ينطبق على أجهزة الرقابة والليرة وقانون الانتخابات». بالنسبة إلى الأمين العام، يمرّ لبنان في «مرحلة انتقالية بين الصيغة الحالية والصيغة التي يتمّ التحضير لها، وتهدف إلى تعزيز دولة الفيدرالية». البلاد كلّها أمام «خطر كبير لم تشهده بتاريخها. تتعقّد جوانب الأزمة، في الوقت نفسه، أي الخطر الإسرائيلي والخطر الاقتصادي». يُشكّل ذلك إدانة إلى القوى السياسية التي وافقت «على قانون الانتخابات الذي اعتُمد، وعدم توصلها إلى تشكيل حكومة». ويقول غريب إنّ الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية التي نمرّ بها، هي نتيجة سياسات الاقتصاد الريعي». الغاية واحدة، إغراق البلد في أزمة كُبرى.
لا تغيب الولايات المتحدة الأميركية عن حديث غريب. فهذه الدولة، تُريد استخدام ما يحصل من أجل «فرض شروطٍ سياسية على لبنان، من ضمنها تنفيذ ما عُرف باسم صفقة القرن، وفرض التوطين عبر إبقاء النازحين في لبنان». من يتحمّل المسؤولية؟ «السلطة التي تُحاول التهرّب من ذلك».
يطرح «الشيوعي» اعتماد الضريبة التصاعدية وإعادة النظر بالهندسات المالية


خطورة الوضع حتّمت أن يُبادر «الشيوعي» في مُحاولة لجمع «كلّ الجهات المُتضررة من الأزمة الاقتصادية. ونُريد أن نقول إنّ إجراءات صندوق النقد الدولي، ما دخلت بلداً إلا ما دمّرته». واجه «الشيوعي» مُقررات مؤتمرات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 وباريس 4 (سيدر)، «وحالياً سيكون هناك قوة أكبر في المواجهة، لأنّ هذه القرارات والإجراءات التي يرفضها شعبهم (قاصداً التحركات الشعبية في فرنسا)، يُريدون أن يفرضوها علينا». طيف تظاهرات «السترات الصفر» الفرنسية، حاضرٌ في الدعوة إلى تظاهرة الأحد 16 كانون الأول. «طبعاً شكّل ذلك دفعاً معنوياً، لأنّ المطالب كمجانية التعليم وتصحيح الأجور ورفض زيادة الضرائب... مطالب نرفعها منذ 30 سنة. حالياً في كلّ بلد ترتفع مطالب مُشابهة، وكأننا أمام حراك له طابع أممي». الجديد، هذه المرّة، أنّ «الطبقات الوسطى تُشارك، بفعل الانهيار الذي تتعرّض له. وكلّما كانت المُشاركة أوسع، كلّما كانت قاعدة التحرّك أصلب».
يطرح «الشيوعي» المبادرة السياسية، ولكنّه لا يريد أن يكون «مُحتكراً» للتحرك في الشارع. يوضح غريب أنّ «ما يعنينا هو وجهة التحرك، وحمل القضية الجوهرية. ندعو كلّ التقدميين والأحزاب والتيارات اليسارية والديموقراطية والحركات والاتحادات النقابية والهيئات الشبابية والنسائية والاجتماعية والقوى المدنية والأهلية المستقلة، إلى أن نكون قوى تغييرية للسياسات المُسببة للأزمة. هذا هو الأساس». ويزيد غريب بأنّ الحزب مُستمر في التواصل والحوار مع الجميع من أجل النزول إلى الشارع، «ولو كان كلّ من موقعه في البداية. لا مُشكلة، فمُجرّد التحرك أساس في عملية الوحدة مستقبلاً. فليتفضل كلّ فريق، ويطرح وجهة نظره، فمن سيختلف معنا حول قضايا توحّد كلّ فئات المجتمع؟».