قبل ثمانية عشر عاماً، خرج اقتراح قانون «حقوق الأشخاص المعوقين» من الهيئة العامة قانوناً نافذاً يحمل الرقم 220/2000. يومها، توّج القانون مسيرة نضالٍ استمرت سنواتٍ، لتحصيل حقوق شريحة تعيش دون الحد الأدنى للمستوى المعيشي اللائق. غير أن الانتصار لم يدم طويلاً. سرعان ما اصطدم أصحاب هذه الحقوق بواقعٍ قاسٍ يفرض عليهم نضالاً آخر لتغيير عقلية المجتمع الذي بقي ينظر إليهم بوصفهم «معاقين».
(مروان بو حيدر)

بعد تلك السنوات الطويلة من إقرار القانون 220/2000 لا يزال الواقع هو هو، خصوصاً أن غالبية المراسيم التنفيذية المتصلة به لم تصدر بعد. بقي حبراً على ورق. ينصّ على حقوق مكتوبة، لا وجود لها على أرض الواقع. من الطبابة إلى التعليم إلى العمل إلى الترفيه... لا شيء تغيّر. صحيح أن ذوي الاحتياجات الخاصة يملكون بطاقة «معوّق» من الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين (تقدر إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية وجود 100 ألف بطاقة). إلا أن هذه الوثيقة لا تسمن ولا تغني عن جوع. جلّ ما تعطيهم إياه كرسياً نقّالاً أو عكّازاً أو... «كيس حفّاضات». أما في الاستشفاء والطبابة، فـ«بلّوا البطاقة واشربوا ميتها». وكذلك في التعليم، حيث يضطر صاحب الحاجة الخاصة إلى أن يدفع للمدرسة التي تمنحه «شرف القبول» قسطاً إضافياً على القسط المقرّر للأشخاص «الطبيعيين». أما بالنسبة إلى العمل، فلا الكفاءة ولا الحظ ولا الوساطات قادرة على إيجاد عملٍ لائقٍ لذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، علماً أن القانون يفرض على المؤسسات، العامة منها والخاصة، كوتا تقدّر بـ3%. لكن، لا من يطبّق. بعد أكثر من ربع قرن على إقرار الأمم المتحدة «اليوم العالمي للأشخاص المعوقين»، في الثالث من كانون الأول من كل عام، لا تزال الدولة اللبنانية تفتقر إلى إحصاء دقيق لما تشكله هذه الشريحة لتعرف ما هي حقوقها، لا بل تمعن في إذلالهم. وليس أدلّ على ذلك مما يواجهه هؤلاء لدى إتمام معاملاتهم الرسمية: في الوزارات وفي المؤسسات الرسمية ولدى ممارستهم حقهم الطبيعي بالاقتراع. هل يمكن تخيّل صورة أكثر ذلاً من حمل ذوي الاحتياجات الخاصة على الأدراج من أجل الإدلاء بأصواتهم، في مشهد يكشف عري الدولة الفاشلة وسحلها حقوق هؤلاء، على عين القانون؟
لأن الإعاقة لا تعني العجز، فإن أصحاب الاحتياجات الخاصة هم أصحاب حق في العيش الطبيعي، وفق معايير دامجة، شأنهم في ذلك شأن الأشخاص «الطبيعيين».