بعدَ عناء انتخابات نيابية أطاحت ثلث كتلته، والنتائج المخيّبة التي حصدها تيارُه في صناديق الاقتراع، لم يُرْخِ رئيس الحكومة سعد الحريري الحبلَ داخل «المُستقبل». الأوضاع ليسَت بأفضل حال على مستوى التنظيم والإدارة والتمويل. وبمعزل عن أزمة الحكومة التي يغرَق فيها الحريري، تُحاول كتلة «المُستقبل» النيابية برئاسة النائبة بهية الحريري العمل على إصلاح بعض مكامن الخلل التي ظهرت فاضحة خلال العملية الانتخابية الأخيرة.ليلَة إقفال صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية الأخيرة، وبدء صدور النتائج، أصيبَ الرئيس سعد الحريري بصدمة. لم يكُن ليعلم، رغم كل الفوضى التي ضربت تياره، بأن الهشاشة التنظيمية وصلت إلى ذروتها. كان أول الغيث ورشة كاملة أطاح من خلالها عدداً كبيراً من كوادره، ومن ثمّ تشكيل لجان تنظيمية مهمّتها التواصل مع المنسّقيات في كل المناطق، وإعداد تقارير لإصلاح ما أفسده الطاقم القديم. غيرَ أن اللافت داخل «المُستقبل»، وفق ما يقول مسؤولون فيه، تركيز الحريري التام على نواب الكتلة وعملهم، وذلك على مستويين: الأول، يرتبط بعمل أعضاء الكتلة داخل اللجان؛ فالحريري، في كل اجتماع كتلة يحضره، «يطلب من النواب وضعه في تفاصيل أجواء اللجان النيابية»، بعدَ أن خصّص لهم فريقاً من المستشارين «لتفسير القوانين وكيفية مناقشتها وصياغة الاقتراحات». أما الثاني، فهو بدء الكتلة بعقد خلوات يستمر كل منها يومين، مرة كل شهر في منطقة ما في لبنان. وقد بدأت الكتلة أولى خلواتها منذ أيام في منطقة البقاع، في منتجع «ويست بقاع كاونتري كلوب» ـــ خربة قنفار (يملكه عضو الكتلة النائب هنري شديد). تقول مصادر نيابية في الكتلة إن هذه الخلوات «أقرب إلى ورش تنظيمية بهدف ترتيب الأعمال»، حيث عقدت اجتماعين على مدى يومين، استمر كل واحد منها ما بين 7 و8 ساعات. وتنقسم الخلوة، بحسب النواب، إلى شقّين؛ واحد يتخذ شكل اجتماع يُناقَش خلاله جدول أعمال يتضمّن مشاريع القوانين النيابية الخاصة بالمنطقة التي تعقد فيها الخلوة، مع متابعة لمشاريع قديمة لم تنفّذ، وأخرى جديدة قيد الإعداد. وآخر يُعنى بالتواصل مع المنسّقين في هذه المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى مع القاعدة الشعبية لتيار المُستقبل، بالإضافة إلى لقاءات مع مسؤولين في المنطقة، ورؤساء البلديات واتحاد البلديات والمخاتير وأعضاء المجالس البلدية والاختيارية بحضور نواب الكتلة الحاليين والسابقين. وتسبق النائبة بهية الحريري الكتلة قبلَ يوم الى المنطقة للقاء الفعاليات. ويضع النواب هذه الخلوة التي ستعقد الشهر المقبل في عكار تحت عنوان «ترميم الهيكل النيابي للتيار، ما يشكل رافعة معنوية»، بعد أن «كشفت المرحلة السابقة الفجوة بين النواب والقاعدة الشعبية، ومدى الضعف الذي أدى إلى انحسار هذه القاعدة».
الخلوة ستُعقد برئاسة النائبة بهية الحريري الشهر المقبل في عكار

وتأتي هذه الخلوات بحسب مصادر الكتلة في سبيل تحقيق أهداف عديدة، منها: تعريف الناس إلى نواب «المستقبل» بعد أن تحوّل عدد منهم إلى غرباء حتى في مناطقهم مع بطلان فعالية نيابتهم، والتخفيف من التناحر بين قيادات التيار المناطقية التي فتحَ غياب الحريري والنواب في المرحلة السابقة الباب أمام تحوّل كل مسؤول في التيار إلى «زعيم». ومن جملة الأمور التي تحدّث عنها النواب، أنّ «مثل هذه الخلوات واللقاءات من شأنها أن تعوّض عن ضعف الموارد المالية والخدمات التي كان يؤمنها التيار للمناطق والمناصرين. فمن شأن التواصل المباشر معهم أن يحافظ على الصلة بين الشرائح المستقبلية حتى لا تظن أنها متروكة بالكامل». والأهم من ذلك «نتيجة الانتخابات النيابية التي أدت إلى إنتاج شراكات داخل المناطق مع شخصيات سُنية أخرى»، لذا فإن الهدف الرئيسي لما بدأته الكتلة وستستمر فيه هو «الاحتفاظ بموقع تيار المستقبل، ومنعاً لاستفادة هذه الشخصيات من غيابه عبر منح المناصرين مكاسب وخدمات قد تؤدّي إلى مزيد من التشرذم داخل المسُتقبل وبين قواعده».