تحتاج حركة «أنصار الله» الفلسطينية، بين الحين والآخر، إلى الضرب بيد من حديد ونار لتثبيت موقعها في مخيم المية ومية الذي لا تقبل بأن تشاركها أيّ قوة بالنفوذ والسيطرة فيه. آخر الضربات مساء أمس، حين ارتأى مسؤول الجماعة جمال سليمان الرد بالقذائف على إشكال تعرض له أحد عناصره قبل يومين في المخيم. العنصر تعرّض للضرب على يد عدد من عناصر حركة فتح المتمركزين في المخيم وصادروا مسدسه. فعل كهذا لا يمر بهدوء عند سليمان، لا سيما إن تعلق الأمر بحركة فتح، في ظل تراكم الخلافات بينهما في الأشهر الأخيرة.مساء أمس، قامت قوة من «أنصار الله» بالهجوم على مركز لـ«فتح» في المية ومية بإطلاق الرصاص والسيطرة عليه واستهداف العناصر المتمركزين فيه، ما أدى إلى جرح عدد من الفتحاويين. الهجوم استدعى رداً من فتح وقوات الأمن الوطني الفلسطيني المنتشرة في أرجاء المخيم. خمس ساعات من تبادل إطلاق الرصاص والقذائف بشكل عنيف حتى تطاير الرصاص الطائش في محيط المية ومية وصولاً إلى أجواء عين الحلوة وسيروب وصيدا. بنتيجة الاشتباكات، سجل وقوع عدد من الجرحى، غالبيتهم من قوات الأمن الوطني، و احتراق عدد من المنازل وتضررها. كذلك سُجّلت حالة نزوح لعدد من العائلات.
على وقع الاشتباكات، نشطت الاتصالات على خط قيادة فتح من جهة وسليمان من جهة أخرى لتثبيت وقف إطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع. وعمل على خط التهدئة كلّ من ضباط الجيش اللبناني والشيخ ماهر حمود وحزب الله وحركة أمل. وفي هذا السياق، عقد لقاء موسع لممثلي الفصائل الفلسطينية من بينهم فتح وأنصار الله في مكتب حمود في صيدا، إضافة إلى اجتماع آخر استضافته حركة حماس في مقرها في المية ومية، وآخر في عين الحلوة. الاتصالات واللقاءات أثمرت وقفاً أوّلياً لإطلاق النار حوالى الساعة التاسعة ليلاً، وسط هدوء حذر.
فصل الاشتباك الأخير شكل جزءاً من مسلسل طويل من الأخذ والرد بين فتح وأنصار الله. قبل فصل أمس، كاد المية ومية أن ينفجر نهاية تموز الفائت بعد اتهام سليمان لقيادي من فتح بمحاولة اغتياله عبر أحد عناصره بلال زيدان الذي وجد مقتولاً بعد القبض عليه من قبل الجماعة. ولا يتوانى سليمان عن التصويب على فتح كلما حاولت المس بمنطقة نفوذه في المية ومية، رافضاً التدخل فيها، حتى عن طريق نشر القوة الأمنية المشتركة.