أضيفت أمس ضحيّة جديدة إلى لائحة ضحايا العنف والجريمة بحقّ العاملات الأجنبيّات في لبنان. ضحيّة بلا إسم ومن دون معرفة هويّتها، سوى أنّها قد تكون من التابعيّة الأثيوبيّة وفي العقد الثالث من العمر. معلومات قوى الأمن أن الجثة تعود لسيدة «بشرتها سمراء يرجح انها افريقية»، فيما لم يجر التأكد بعد مما إذا كانت حاملاً أو تعرضت لاعتداء جنسي.«وُضّبت» الجثة في حقيبة سفر وضعت عند مدخل موقف السيارات في مبنى «أبو زخم وسماحة»، في شارع «مارون نعيم الخوري» كما تشير اللافتة، وهو حيّ فرعي يقع بين مصلحة تسجيل السيارات والآليات في الدكوانة (المتن) وشارع سلاف التجاريّ. لم تكن الجثّة مقطّعة كما أشيع. ثبّتت اليدان المكسورتان والرجلان معاً وانتفخ البطن ما دفع الى الاعتقاد باحتمال أن تكون الضحيّة حاملاً في أشهرها الأولى. «لا كدمات ولا دماء ولا آثار على الجثّة»، هكذا يصف شهود العيان ما رأوه ووثّقه أحد الفضوليّين بينهم في صورة. تماهت الضحيّة في موضعها الأخير داخل الحقيبة، كما أراد المجرم، تكوّرت عارية في حقيبة السفر بلا «جواز» رحمة ولا «كفالة» حماية.
في الحيّ الهادئ الذي يعرفه السكان بـ«شارع مخمر الموز»، يمكن قراءة هول الجريمة على وجوه العاملات الأجنبيّات عبر دموع «تيتا» الأثيوبيّة التي حاولت الاقتراب من موقع الجريمة صباحاً، في حضور قوى الأمن، علّها تتعرّف على الضحيّة. «ليست من صديقاتي في الحي، أظنّ أنها لا تعمل هنا» تقول تيتا، مرجّحةً أن الضحيّة «ذات ملامح أثيوبيّة». «حرام» تردف بأسى، فيما تشير إلى «حادث صدم تعرضت له عاملة أثيوبية أخرى قبل يومين في شارع قريب». تذكر «تيتا» أيضاً جريمة قرأت عنها عبر «فايسبوك» قبل أسابيع، محاولةً استحضار مآسي موطناتها. الخوف الذي اعترى أمس العاملات الأجنبيّات في الحيّ تختصره كلمات «الدكنجي»: لم تدخل أي عاملة أجنبيّة اليوم إلى الدكان على غير عادة.
«وُضّبت» الجثة في حقيبة سفر ووضعت عند مدخل موقف للسيارات


لا يعرف الجيران بدورهم تفاصيل إضافيّة حول الحادث، «لم نسمع أي شيء ولم نشاهد حركة غريبة» يقول صاحب الدكان المواجه للمبنى الذي وضعت الحقيبة أسفله. حقيبة السفر تلك أثارت شكوك السكان في ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، ما دفعهم إلى الاتصال بالقوى الأمنيّة وفصيلة درك الدكوانة التي تبعد عن المكان شارعين. حوالى الواحدة والنصف من بعد ظهر أمس، كانت الشرطة العسكرية والأدلّة الجنائية جمعت أدلّتها وفكّ الطوق الأمني، فيما تتابع قوى الأمن الداخلي تحقيقاتها لكشف ملابسات الجريمة. أحد سكان الحي يعتقد أن «الحقيبة وضعت أوّل من أمس لكن السكان لم يعيروا الموضوع اهتماماً إلاّ صباح أمس»... هذه فرضيّة. لكنّ الأكيد أن الجريمة لم تحدث فجر أمس بسبب «الرائحة التي انبعثت حال فتح الحقيبة» بحسب شاهد عيان. سكان الطابق الأول في المبنى نفسه غير مستعدّين لحديث إضافي: لم نشاهد شيئاً والباركينغ غير ظاهر لنا. يبدو السكان مستائين من استسهال المجرم إقلاق راحة الحيّ الفرعي قبالة «النافعة». لم يعر من نفّذ الجريمة ومن ترك الحقيبة أهميّة للافتة «ممنوع الوقوف، موقف خاص»، يرجّح السكان أنه ركن سيارته إلى الخلف وأفرغ «حمولته» في الموقف، بعيداً من مرأى الجيران، وفي غياب كاميرات المراقبة سوى على طرفي الشارع.