المناكفات في الجولة الثالثة من الجلسة التشريعية صباحَ أمس لم تعكّر صفو التوافق السياسي. والحدّة التي رافقت مناقشة مشاريع القوانين ذات العلاقة بمؤتمر «باريس 4» (سيدر)، لم تنعكس على النتيجة المعروفة سلفاً، بإقرارها بالغالبية. احتوى رئيس المجلس نبيه برّي السجال بين النائب جميل السيد والرئيس المكلّف سعد الحريري، وتجانسَ موقفا الحريري ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد بضرورة إقرار مشاريع «سيدر»، فعاد الهدوء وتراجع المعارضون، باستثناء النائب القومي سليم سعادة الذي أصر على النقاش.حماسة الجلسة الصباحية خمدت مساء. الحريري الذي أعلن بالفم الملآن أنه حضر لتمرير القروض انسحبت كتلته وكتلة القوات من الجولة الرابعة بعدما ضمن تمرير ما يريده، فرُفعت الجلسة.
تناغم حزب الله والحريري كان واضحاً وهو ما ساهم في تمرير مشاريع القوانين الخاصة بإبرام اتفاقيات للحصول على قروض، فيما لم تسجّل أي مداخلة استفزازية بين صفوف الطرفين. مصادر كتلة «الوفاء للمقاومة» أكدت أن التقاطع مع الحريري «لمصلحة البلد. ونحن نكون حيث تكون مصلحة البلاد». وأشارت إلى أن كلمة رعد «ترتبط برؤية اقتصادية، فقد قرأنا جيداً هذه القوانين واستندنا إلى آراء خبراء اقتصاديين أكدوا أن إقرارها سيساعدنا في الاستمرار وحماية الوضع الاقتصادي سنوات إلى الأمام». ولفتت إلى أن «الكتلة قررت أن يتحدث النائب رعد كي يفهَم الحليف وغير الحليف بأننا ندعم إقرار هذه القوانين».
أصرّ برّي على استكمال جدول الأعمال فانسحب «المستقبل» و«القوات» من الجلسة


جلسة أمس لم تنعقد وفق «أكثرية جديدة وخريطة نيابية مختلفة» أنتجتها انتخابات أيار 2018. فالنقاشات في القوانين حكمتها خلفيات سياسية ولّدت في كثير من الأحيان «نقاراً» مع رئيس الحكومة. حينَ طُرح مشروع القانون المتعلّق بقرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع النظام الصحي بقيمة 120 مليون دولار، سأل النائب سامي الجميل عن توقيت إقرار هذه المشاريع في ظل غياب الحكومة، مُطالباً بتأجيلها. واعتبر النائب الياس بو صعب أن جهات عدة ستستفيد من هذه القروض، منها النازحون السوريون و«هذا يخلق هواجس لأننا لا نعرف متى تنتهي مشكلة النازحين. فإذا اختلفنا مع المجتمع الدولي حول توجهنا بإعادة النازحين ماذا سيحصل؟». على خط النقاش دخل النائب السيد معلقاً بأن «النازح السوري يستحق كل أنواع الرعاية، لكن إذا كنت مفلساً وتريد إعطاءه رعاية تُصبح المسألة نوعاً من الرشوى». استفز ذلك الحريري الذي سارع إلى الرد «بأن البعض لديه هواية بإظهار البلد كأنه مفلس. لسنا بلداً مفلساً. هناك فرصة يقدمها لنا مؤتمر سيدر. هذا القرض يستفيد منه الجزء الأكبر من اللبنانيين. لسنا ضد استفادة النازحين من القرض، ولسنا ضد عودتهم، ولا يزايد علينا أحد في هذا الموضوع». وانسحب النقاش نفسه على مشروع يتعلق بقرض مقدم من البنك الدولي لتنفيذ مشروع الطرقات والعمالة بقيمة 200 مليون دولار. سأل رئيس الحكومة: «هل نوقف أي مشروع لأن النازحين السوريين سيستفيدون منه»؟ فقال السيد: «هيدا ابتزاز». رد الحريري بحدّة: «ليس ابتزازاً، كل شوي بتلطوشني. أنا هنا لنقرّ المشاريع المرتبطة بمؤتمر سيدر وإذا لم يحصل ذلك فسأُغادر الجلسة». كادت المشادة تتوسّع قبل أن يفضّها برّي، ويدخل رعد مُعلناً موقفاً متجانساً مع رئيس الحكومة بأن «الجلسة عقدت لإقرار هذه المشاريع، وإذا لم تقرّ فما معنى هذه الجلسة»؟
فور عودة الأمور إلى نصابها، وافق المجلس على إبرام الاتفاقيتين واتفاقية أخرى مرتبطة بقرض مع البنك الأوروبي لتمويل مشروع مياه الصرف الصحي في حوض نهر الغدير. كما صادق على إبرام اتفاقية قرض مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتنفيذ مشروع إنشاء منظومتين للصرف الصحي في منطقة الشوف. وأجاز للحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي.
الثالثة بعد الظهر رُفعت الجلسة بعد الموافقة على اقتراح القانون الرامي إلى دعم فوائد القروض الممنوحة من المؤسسة العامة للإسكان. وقبل دقائق من انعقاد الجولة المسائية ظهرت إشارات بأن تيار «المستقبل» يسعى إلى تطييرها، إذ غاب النواب المستقبليون بعدما بدا أن «المشاريع الضرورية قد أقرت»، ولم يحضر منهم إلا النواب سامي فتفت ونزيه نجم ومحمد الحجار وطارق المرعبي. حين بدأت الجلسة طالب هؤلاء بمناقشة قانون متعلق بقرض لتطوير مرفأ طرابلس، فيما طالب نواب القوات بمناقشة اعتمادات لأدوية السرطان، لكن بري وتكتل لبنان القوي أصرا على استكمال جدول الأعمال، فانسحب نواب القوات والمستقبل، ليرفع رئيس المجلس الجلسة «لغياب مكونين أساسيين عنها».