«إلى السلاح، إلى السلاح… تنظيماً للمقاومة الوطنية اللبنانية ضدّ الاحتلال الصهيوني». نداء الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني، جورج حاوي، كان الفاتحة التنظيمية لمقاومةٍ أعادت لبيروت كرامتها. 16 أيلول الـ1982، تاريخٌ يستعيده سنوياً الشيوعيون والوطنيون وكلّ من حمل السلاح يوماً، ومن اعتنق المقاومة فكراً. يوم أمس، كانت الذكرى الـ37 لتأسيس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمّول)، هي التي تزداد «قيمة» كلّما «تعتّقت»، وتظهر أهميتها في التأسيس للمراحل اللاحقة.كعادتهم، كان الشيوعيون أمس أوفياء لـ«جمّول»، فنظّم الحزب الشيوعي اللبناني مهرجاناً سياسياً أمام ساحة بسترس، موقع الطلقة الأولى، بحضور سياسي وشعبي. ألقى الأمين العام لـ«الشيوعي» حنا غريب كلمةً وصف فيها الذكرى بـ«اليوم المجيد في تاريخ شعبنا وحزبنا الذي أطلق هذه الجبهة»، معتبراً أنّه «بهذه الرصاصات الأولى، أسقطت «جمّول»، آنذاك، المؤامرة الامبريالية الصهيونية الرامية إلى جعل لبنان قاعدة للتآمر ضدّ كلّ الشعوب العربية وضد الشعب الفلسطيني. فمع انطلاقة المقاومة الوطنية، وما تلاها من انطلاق للمقاومة الإسلامية وإنجازاتهما في التحرير والانتصار على العدو الصهيوني، تمّ إحباط تلك المؤامرة». لقاء أمس لم يكن فقط لتمجيد الذكرى، «بل للبناء عليها وتطويرها من أجل مواجهة الصيغ المتجددة من تلك المؤامرة»، قال غريب، مُعدّداً المخاطر الحالية، بدءاً من «صفقة القرن» وصولاً إلى وقف المساعدات الأميركية لـ«الأونروا»، فأكد أنّ الحلّ الوحيد «أمام الأحزاب الشيوعية والقوى اليسارية وحركات المقاومة العربية، الإعداد الذاتي للتصدّي بكافة الأشكال المتاحة، بما فيها المقاومة المسلحة، لهذا المشروع التفتيتي». وأضاف أنّ «بناء مقاومة عربية وشعبية شاملة، يستدعي العمل لقيام يسار عربيّ صاحب مشروع إنقاذي بديل وجذري ومستقل، يفرض نفسه على الآخرين بدل أن يخضع دوماً للاختيار أو الالتحاق بمشاريع الآخرين. يسارٌ منفتح على كلّ أشكال التعاون والتنسيق مع كل القوى المقاومة الأخرى، وذو هوية واضحة في تصدّيه للإمبريالية والصهيونية، كما في نضاله من أجل فكّ التبعية ومكافحة أنظمة القمع والاستبداد، وتحقيق التحرّر الاقتصادي والسياسي، مع الاحتكام دوماً إلى مثل الديمقراطية والعلمانية». ولم يفت غريب التذكير قائلاً: «ننظر إلى محاربة الفساد، محاربةً لهذا النظام الطائفي».
كرّر غريب الدعوة إلى إطلاق مبادرة تجمع كلّ قوى التغيير


وتوجّه الأمين العام إلى «الرفاق»، داعياً إياهم إلى حمل السلاح مُجدداً ضدّ أي عدوان صهيوني، وإلى «تنظيم صفوف كل المتضررين من استغلال وتعسّف رأس المال، دفاعاً عن قضايا الناس وحقوقهم»، إضافةً إلى «تقوية منظماتكم الحزبية والنقابية، وبناء أدوات نقابية جديدة؛ فقوة الحزب هي من قوّة منظماته». وكانت ذكرى أمس، مُناسبة للتطرق إلى الانتخابات النيابية الأخيرة، وتوضيح وجهة نظر «الشيوعي» بعد أن ارتفعت أصوات كثيرة «تُعيب» عليه المشاركة فيها، في ظلّ النظام الحالي والقانون الذي اعتُمد. فقال غريب إنّ «الحزب مقتنع بأنّ مواجهة القانون تكون بمواجهة أحزاب السلطة التي أقرّته، وليس بتركها تعيد إنتاج سلطتها بالتزكية، كما أنّ المواجهة لا تكون بالانسحاب ولا بالمقاطعة ولا بالاستقالة». وشدّد على أنّ «الحزب خرج من المعركة الانتخابية منسجماً إلى حدّ كبير مع موقفه وخطابه وأدائه».
وختم غريب بتكرار الدعوة إلى «إطلاق مبادرة تداعي لكلّ قوى التغيير الديمقراطي، للعمل معاً من أجل إنتاج برنامج وطني لإنقاد لبنان من نظامه الطائفي ومن مخاطر المشروع الأميركي ــــ الصهيوني، وذلك في مؤتمر جامع للتغيير الديمقراطي ومن خلال إطلاق كلّ التحركات الشعبية المتاحة في مواجهة تفاقم العديد من الأزمات السياسية والمعيشية التي تطال أكثرية اللبنانيين».
وكان شقيق الشهيد الأول لـ«جمّول» جورج قصابلي، ميشال قصابلي، قد ألقى كلمة عوائل شهداء الحزب الشيوعي، الذين «أذلّوا الغزاة وأعوانهم فكانوا قدوة لرفاقهم على درب المقاومة».

... وسعد يدعو إلى مواجهة الفساد
بدروه، احتفل التنظيم الشعبي بالذكرى في ساحة الشهداء في صيدا، بحضور حشدٍ من فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية. ووجّه الأمين العام للتنظيم النائب أسامة سعد التحية إلى كل القوى التي انخرطت في المقاومة الوطنية وأنجزت التحرير. ودعا إلى التمسك بخيار المقاومة في مواجهة الطائفية والمذهبية والفساد والفئوية، وخصّ سعد بدعوته الشباب، فطالبهم بمواجهة النظام الطائفي والفساد والمعاناة، عبر التمسك بالوطنية الجامعة وخيار المواجهة مع قوى العدوان وقوى الفساد والطائفية والمذهبية في البلد.