بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات النيابية، قرّر حزب الله، في دائرة كسروان الفتوح ــــــــ جبيل، المبادرة إلى طيّ هذه «الصفحة الأليمة» في العلاقة مع التيار الوطني الحرّ. احتفال تخريج طلّاب عين الغويبة (جرد جبيل)، كان المناسبة التي «هُندست» من أجل هذا الهدف. أطلّ المُرشح السابق للانتخابات الشيخ حسين زعيتر، موجّهاً رسالة ذات وجهين: الأولى إلى النائب مصطفى الحسيني الذي كان حاضراً، فقال له: «نحن والإخوة في حركة أمل، نقول للسيّد مصطفى الحسيني، نائب جبيل وكسروان، نحن معك». استغرب عددٌ من الحاضرين هذه «المبايعة»، لكنّ حزب الله هدف إلى أن «يُريح» الحسيني في المنطقة، طوال مدّة ولايته البرلمانية.أما الرسالة الثانية، فكانت إلى «فريق العهد»... بغياب مُنسقية التيار الوطني الحرّ في قضاء جبيل، واعتذار النائب سيمون أبي رميا عن عدم الحضور بداعي السفر. فلم يكن من «شاهدٍ» على «رسالة» حزب الله الجُبيلية إلى العونيين، إلّا مُستشار وزير الخارجية جبران باسيل، الطبيب طارق صادق، الذي حضر أصلاً بصفته الشخصية، تلبيةً لدعوة رئيس بلدية عين الغويبة رائد برّو. أراد مسؤول المنطقة الخامسة والشمال في حزب الله حسين زعيتر، الذي شنّ زمن الانتخابات هجوماً مُباشراً على أبي رميا، وكان في مواجهة مُرشح «التيار» عن المقعد المُخصص للطائفة الشيعية، أن يُخبر العونيين أنّ «الاختلاف في الرأي في الانتخابات النيابية، أصبح وراءنا، لأننا معكم نواجه اليوم أكبر هجمة على الكيان اللبناني لإسقاط هذا الرئيس القوي. سيسقط كلّ الآخرين، ولن يسقط الرئيس القوي». ليس في الأمر استغراب من أن يكون حزب الله سنداً أساسياً لرئاسة الجمهورية في هذه المرحلة، فالتحالف الاستراتيجي بين الرئيس ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، شكّل دائماً سوراً منيعاً أمام الاهتزازات على مستوى الكوادر والقاعدتين الشعبيتين. ولكن، لأنّ المُتكلّم هو حسين زعيتر، ولأنّ المناسبة تأتي بعد أشهرٍ من الانتخابات النيابية التي سبّبت شبه قطيعة بين الفريقين ـــــــ الحليفين، كان للموضوع «أهميّة» أكبر، وله دلالة خاصة، هي أنّ حزب الله يفتح الأبواب أمام إعادة التنسيق والتعاون مع التيار العوني في كسروان الفتوح ـــــــ جبيل. وقد تمنّى زعيتر خلال كلمته، لو كان المسؤولون في «التيار» حاضرين ليسمعوا الكلام.
غاب أبي رميا ومنسقية «التيار» في جبيل عن احتفال عين الغويبة


كان يُمكن أن يكون الحديث مُباشراً في لقاء ثنائي، لكنّ حزب الله أراد إيصال رسالة علنية إلى المسؤولين العونيين. تقول مصادر قريبة من حزب الله إنّ «الهدف الأساسي هو الجمهور العوني. أراد حزب الله أن يسحب الاحتقان من الشارع، ويُعيد التواصل بين مختلف الشرائح الشعبية إلى سابق عهده». أما في المرحلة الثانية، «فالمفترض أن تتلقّف القيادة العونية في كسروان الفتوح وجبيل هذا الخطاب، ليجري البناء عليه. التواصل بين حزب الله والتيار شبه مقطوع منذ الانتخابات. لا يوجد تنسيق، ولا مُشاركة في مناسباتهما، لذلك يجب فتح صفحة جديدة». إلا أنّ بوادر الأمل لا تلوح في الأفق. تقول مصادر مُقرّبة من باسيل إنّه «على الصعيد المركزي لا يوجد مشكلة في العلاقة مع حزب الله، ولكن في جبيل هناك خلل في التنظيم». وتوضح المصادر أنّه «لا يجب أن يتولّى مسؤولية التنسيق مع حزب الله أشخاصٌ، يُقاربون هذه العلاقة من باب المصلحة والأصوات الانتخابية، بل من هو مؤمن بالتفاهم والعيش المشترك وقضية المقاومة».
خسارة مقعد جبيل لا تعني أنّ حزب الله سينفض يديه من العمل في دائرة كسروان الفتوح ــــــــ جبيل. بعد مرحلة التقييم، يدور نقاش حول كيفية مقاربة الوضع الداخلي في المنطقة، والسبيل الأفضل لتفعيله. تقول المصادر إنّ «الطبيعي هو في العودة إلى الوضع السابق مع التيار الوطني الحرّ».