لم تنته ذيول جريمة قتل الشاب محمد عادل الدهيبي طعناً بالسكين على يد الشيخ خليل دهيبي وإخوته في منطقة النبي يوشع عند أطراف بلدة دير عمار في عكار.مرت أيام على دفن الضحية الدهيبي، لكن الجريمة أحدثت حالة من البلبلة في منطقة عكار، وخصوصاً في ضوء ما رافقها من شائعات عن أصابع لتنظيم «الدولة الإسلامية» فيها ربطاً بما ضجت به مواقع التواصل عن نزع قلب الضحية وبتر قدميه وتشويه جثته.
لاحقاً، ناقض تقرير الطبيب الشرعي هذه المزاعم، عبر التأكيد أن لا قلب الضحية قد نزع، ولا رجلاه قد بترتا، إنما تعرض المغدور لطعنات متتالية في أنحاء جسمه وبعضها قرب قلبه، والجريمة «هي جناية موصوفة ولا يمكن التساهل مع مرتكبيها»، على حد تعبير مرجع أمني، أبدى خشيته مما سماه «التضخيم المتعمد» لكل جريمة قتل أو حادثة أو إشكال، «ما يدلل على وجود جهة ما تتحين الفرص لجعل جريمة فردية قضية خلافية كبرى عبر شحن النفوس وإثارة العصبيات المذهبية والطائفية ورسم إطار سوداوي للواقع». الدليل، حسب المرجع نفسه، «الإيحاء المباشر بأن تنظيم داعش موجود وحاضر في منطقة عكار، الأمر الذي ولّد حالة من القلق والخوف في هذه المنطقة». كل ذلك، يعتبره المرجع نفسه «ليس ابن ساعته، إنما من صنع عقول سوداء مهمتها الوحيدة زرع الفوضى وصناعة الفتنة والتحريض على الانتقام».
ويؤكد المرجع أنه «لا داعي للقلق وهذا الخوف المصنّع في الغرفة السوداء لا أساس له على الإطلاق على أرض الواقع»، ويشير إلى أن الأجهزة العسكرية والأمنية تقوم بمهماتها على أكمل وجه في عملية إخراج الجرذان الإرهابية من أوكارها أينما وجدت في كل لبنان».
وعلى خط القضية نفسها، أصدر نزير الدهيبي شقيق محمد الدهيبي بياناً، أمس، طالب فيه وزير العدل سليم جريصاتي بوضع يده على الملف منعاً لحرف التحقيق عن مساره الصحيح، ونقل إليه «عتباً شديداً» من أهل الضحية «كون بيان المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي كان يعتريه الكثير من التناقض وعدم التماسك مع الروايات كافة، ما جعلنا ننظر إليه بشيء من الريبة».
ورد شقيق الضحية على رواية والد القتلة الثلاثة بأن أولاده قتلوا محمد «دفاعاً عن النفس» وبأنه «لم يكن معهم أي آلة قتل (أي أنهم كانوا عزّلاً) وبأنهم قتلوه بسكينه (أي سكين شقيقي) بعدما كمن أخي لهم، وهذا مناقض لأي منطق وعقل، كونهم ثلاثة وربما أكثر وهو كان وحده، وبما أن والد القتلة قال إن أولاده قتلوه بسكينه (أي سكين المغدور) فهذه إدانة واضحة من والدهم لهم، ذلك أنهم نزعوا السكين من يده، فلماذا قتلوه إذاً، وبهذه الوحشية؟
وأضاف «نحن لم نقل إن هناك تشويهاً للجثة، إنما قلنا إن هناك تنكيلاً وتمثيلاً بالجثة وعن قصد، بدليل تعدد الضربات وعددها، فهي تبدأ بالرأس وتنتهي بالقدمين، مروراً بالجسم كله، وهذا موثق ولا يستطيع أحد إنكاره مهما علا شأنه».
ورداً على ما قاله رئيس بلدية دير عمار خالد الدهيبي شقيق والد القتلة، لـ«الأخبار»، من أن الجريمة وقعت دفاعاً عن النفس، وأن القتيل كمن للقتلة، سأل نزير الدهيبي:«كيف لشخص أن يكمن لآخر قرب منزله؟ نحن نفهم أن الكمين إما أن يكون في منطقة بعيدة عن بيت المستهدف، أو بالقرب منه، ولكن بشروط أخرى غير التي حدثت بها الجريمة، حيث إنها كانت دون تخطيط من الجانبين، وإذا افترضنا بأن التلاسن حصل بين أحد القتلة (الشيخ خليل) والضحية، فإن ذلك يعزز فرضية أن يكون الكمين من الطرف الآخر، لأن الإشكال كان بداية مع واحد، ثم أصبح مع ثلاثة أو أكثر ربما، ما يدل على أن الثلاثة اتفقوا على ما فعلوه. أما قوله (أي رئيس البلدية) بأن محمد قتل بسكينه، فهذا أيضاً إدانة للذين قتلوه، وكنت أربأ برئيس البلدية أن يبقى منتخباً من الهيئات العامة ولا يضع نفسه بهذا الموقع، لكنه وبما أنه اختار أن يكون بهذا الموقع، فإنني أحتفظ بحق الادعاء عليه بتهمة تضليل التحقيق».