نحو ثلاثة آلاف ظرف من دواء الـ»apivar» المُخصّص لعلاج النحل تُباع في السوق حالياً، وتحمل ملصقات تجارية تُخفي تحتها عبارة «غير مخصصة للبيع». هذه المظاريف دخلت الى لبنان بموجب ترخيص من وزارة الزراعة التي يُبرر المعنيون فيها إخفاء العبارة بـ»سوء فهم» بين الوكيل والشركة المُصنعة للدواء، مؤكدين أنها صالحة للاستخدام وغير منتهية الصلاحية. في هذا الوقت، تُفيد المعطيات بوجود مظاريف مماثلة مُنتهية الصلاحية، ما يعني أنّ مربي النحل باتوا أمام مظاريف أدوية «مشبوهة»، فكيف يمكنهم التمييز بينها؟عقد وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، السبت الماضي، مؤتمراً صحافياً كشف فيه عما سماها «فضيحة أدوية النحل التالفة وغير الصالحة للبيع» التي تُباع حالياً في الأسواق. حينها، لفت أبو فاعور إلى أن دواء الـ apivar الموجود في الأسواق والمُخصّص لعلاج «الفاروا» لدى النحل (نوع من الطفيليات التي تصيب النحل بشكل مستمر ويتطلب علاجاً سنوياً)، هو دواء مُزوّر و»مسروق» من أدوية وزارة الزراعة غير المخصّصة للبيع. وعمد أبو فاعور وقتذاك إلى نزع اللاصق التجاري عن ظرف الدواء، على الهواء مباشرة، ليتبيّن أنه مختوم بعبارة غير مخصّص للبيع، وأن الدواء هو من جملة الأدوية التي استوردتها وزارة الزراعة عام 2016 وانتهت صلاحيته عند بداية العام الجاري.
بحسب مصادر معنية في وزارة الزراعة، فإنّ الأخيرة عمدت خلال الفترة الممتدة من عام 2014 حتى نهاية عام 2016 الى استيراد كميات كبيرة من الدواء المذكور من أجل توزيعه مجاناً على مُربّي النحل، كنوع من تقديم الدعم لهم قبل أن تتوقف الوزارة عن استيراد الدواء عند بداية عام 2017 بسبب خلافات نشبت حول مناقصات التلزيم وغيرها.
إلّا أن بعض التجار بالتواطؤ مع عدد من مربي النحل كانوا يعمدون خلال فترة استيراد الوزارة لهذه الأدوية إلى بيع عدد من هذه الأدوية في السوق السوداء ويقومون بتغطية عبارة «غير مخصص للبيع» بملصق تجاري على ظرف الدواء.
إن تتبّع الرقم التسلسلي للظرف يُمكّن المُربّي المُشتري من معرفة تاريخ التصنيع


بحسب وكلاء الدواء المذكور، فإنّ apivar تنتهي صلاحيته بعد سنتين من تاريخ تصنيعه. وبما أن وزارة الزراعة استوردت آخر مرة هذا الدواء عام 2016، فهذا يعني أن صلاحية هذه الأدوية المستوردة تنتهي مطلع العام الجاري، ما دفع تجار السوق السوداء الى التلاعب بتاريخ صلاحية هذه الأدوية سعياً إلى تصريفها.
لكنّ المُفارقة أنه وعلى الرغم من «اعتراف» مصادر الوزارة بهذا الواقع الذي ينسجم وحديث أبو فاعور، إلّا أنّ المصادر نفسها تؤكد لـ»الأخبار» أنّ ظرف الدواء الذي عرضه أبو فاعور على الهواء ليس مُزوّراً وهو غير منتهي الصلاحية، وأن هناك التباساً حصل. كيف؟
توضح المصادر أن الدواء الذي عرضه أبو فاعور في مؤتمره الصحافي يحمل رقماً تسلسلياً يُثبت أن تاريخ تصنيع الدواء يعود لعام 2018، ما يعني أن انتهاء صلاحيته يكون في عام 2020، لافتاً الى أن الوكيل الذي تتعامل معه الوزارة طلب بعد توقف الوزارة عن استيراد الأدوية الحصول على إذن لإدخال 3 آلاف ظرف من الدواء لبيعه في السوق، «ونتيجة سوء فهم بين الوكيل والشركة المصنعة، عمدت الأخيرة الى وضع عبارة غير مخصص للبيع من تلقاء نفسها استناداً الى الاتفاق السابق المعهود بين الطرفين كون الوكيل يقوم ببيع الأدوية الى وزارة الزراعة». وتُضيف المصادر: «وبسبب سوء الفهم هذا، تم وضع لاصق لتغطية عبارة غير مخصص للبيع».
يعني ذلك أن هناك نحو 3 آلاف ظرف في السوق تحمل ختماً لعبارة غير مخصص للبيع موجودة حالياً ومُغطاة باللاصق التجاري، وهي غير منتهية الصلاحية ودخلت الأسواق اللبنانية بطريقة «شرعية»، بحسب مصادر الوزارة، في حين يوجد عدد من المظاريف العائدة لعام 2016 منتهية الصلاحية وتحمل تواريخ مُزوّرة. ولكن، كيف لمربي النحل أن يُميّزوا بين المظاريف إذاً طالما أن جميعها تحمل تحت ملصقاتها التجارية عبارة «غير مخصص للبيع»؟
بحسب مصادر الوزارة، إن تتبّع الرقم التسلسلي للظرف يُمكّن المُربّي المُشتري من معرفة تاريخ التصنيع. مثلاً، إذا كان الرقم التسلسلي يبدأ بـ 16 فهو يعني أن تاريخ تصنيع الدواء يعود إلى عام 2016، أي أنه من «دفعة» الأدوية المستوردة في ذلك العام، وبالتالي هو منتهي الصلاحية. أمّا إذا كان الرقم التسلسلي يبدأ بالرقم 18، فيعني أن تاريخ التصنيع يعود الى العام الجاري وهو غير منتهي الصلاحية وهو من دفعة الأدوية التي حاز الوكيل رخصة لإدخالها.